لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/lnt.mp3
يحث الإسلام على اللين والتسامح ،
وأولَى الناس بذلك المسلمون قال تعالى : (
أذلةٍ على المؤمنين ) حتى لو أساءوا قال تعالى
: ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ،
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )
فصلت .
تسامحه عليه الصلاة
والسلام مع نسائه :
كان عليه الصلاة والسلام مثلا في التسامح
، وما كان يستقصي في العتاب قال تعالى : (
وإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ
أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ
وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ
بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا
نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا
قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ )
التحريم . فعاتب النبي صلى الله عليه وسلم عن
إفشاء بعض الحديث وتغاضى عن بعضه .
قال أبو سليمان الخطابي
أحمد بن محمد بن إبراهيم
:
تَسامَحْ ولا تسـتوفِ حقك كـلَّـه ***
وأَبْقِ فلم يستقصِ قطُّ كريمُ
ولا تغْلُ فـي شيءٍ من الأمرِ واقتصدْ ***
كِلاَ طرَفَيْ قصْدِ الأمورِ ذميمُ
ومن تسامحه قبوله بمراجعة نسائه
له .. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس
قال عمر : كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء ،
فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم
، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ، قال : وكان
منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي قال :
فغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني ،
فأنكرت أن تراجعني ، فقالت : ما تنكر أن
أراجعك فو الله إن أزواج رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى
الليل ، قال : فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت :
أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالت : نعم ، قلت : وتهجره إحداكن اليوم إلى
الليل ؟ قالت : نعم ، قلت : قد خاب من فعَل
ذلك منكن وخسر ، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله
عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكتْ ؟ لا
تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا
تسأليه شيئا ، وسليني من مالي ما بدا لك ، ولا
يغرَّنَّك أنْ كانت جارتك هي أوسم ـ أي أجمل ـ
وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ـ
يريد عائشة
ـ .
ومما يدل على تسامحه
صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري عن أنس
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين
مع خادم بقصعة فيها طعام ، فضربت بيدها فكسرت
القصعة ، فضمها وجعل فيها الطعام وقال : (
كلوا ) . وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا ،
فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة.
نَموذج لتسامحه مع الناس :
ومن تسامحه مع الناس
ما رواه البخاري
ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد
نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه
بردائه جذبة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عنق رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد أثر بها حاشية
الرداء من شدة جذبته ، ثم قال : يا محمد مُرْ
لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك،
ثم أمر له بعطاء .
نَموذج للتسامح عند خلفائه :
وقد ربَّى خلفاءه على ذلك فعن ابن عباس
رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة
فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من
النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القُرّاء
أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا
، فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي لك وجهٌ
عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه ، قال سأستأذن
لك عليه ، قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة
فأذن له عمر ، فلما دخل عليه قال : هي يا ابن
الخطاب ، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم
بيننا بالعدل . فغضب عمر حتى همَّ به ، فقال
له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال
لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( خذ العفو وأمر
بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) . وإن هذا من
الجاهلين . والله ما جاوزها عمر حين تلاها
عليه وكان وقّافا عند كتاب الله .
دعاؤه على من شقَّ على أمته :
ودعا على من شق على أمته من ولاة الأمر
فقد روى مسلم عن عبد الرحمن بن شماسة قال :
أتيت عائشة أسألها عن شيء ، فقالت ممن أنت ؟
فقلت رجل من أهل مصر ، فقالت كيف كان صاحبكم
لكم في غزاتكم هذه ؟ فقال ما نقَِمنا منه شيئا
إنْ كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير
، والعبد فيعطيه العبد ، ويحتاج إلى النفقة
فيعطيه النفقة ، فقالت أما إنه لا يمنعني الذي
فَعَل في محمد بن أبي بكر أخي أنْ أخبرك ما
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
بيتي هذا : ( اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي
شيئا فشقَّ عليهم فاشقُقْ عليه ، ومن وَلِيَ
من أمر أمتي شيئاً ـ يعني مهما قلَّ ـ فرفَق
بهم فارفُِق به ) .
قال المناوي في ( الفيض ) :
وهذا دعاء مجاب وقضيته لا يشك في حقيقتها عاقل
ولا يرتاب ، فقلما ترى ذا ولاية عسَف وجار
وعامَل عيال الله بالعتوِّ والاستكبار ، إلا
كان آخر أمره الوبال وانعكاس الأحوال ...
وهذا كما ترى أبلغ زجر عن المشقة على الناس ،
وأعظم حث على الرفق بهم وقد تظاهرت على ذلك
الآيات والأخبار ...
وسبب الحديث أن ابن شَُمَاسة دخل على
عائشة فقالت ممن أنت ؟ قال من مصر . قالت :
كيف وجدتم ابن حديج في غزاتكم (معاوية بـن
حديج السكوني ، أميـر مصر لمعاوية ، له صحبة )
؟ قال خير الأمير . قالت إنه لا يمنعني قتْلُه
أخي أن أحدثكم ما سمعت من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، سمعته يقول : فذكرته . قال النووي
في الأذكار : ظاهر الحديث جواز الدعاء على
الظلمة ونحوهم . قال الحافظ : والأَولى حمْل
كلام الغزالي في المنْع على الأَولى ، وأما
الأحاديث فتدل على الجواز .
|