مقدمة لكتاب ( حقيقة الجندر )

 

 

في يوم الأربعاء 8محرّم 1429هـ  16يناير2008م

 

     الحمد لله رب العالمين  والصلاة والسلام على إمام المرسلين  نبينا محمد وعلى آله  وصحبه أجمعين  .

     أما بعد :

فقد تصفَّحتُ كتاب ( حقيقة الجـَـنْدَر) ، وهو بحث تكميلي لنيل درجـــــــــــــة المشيخـــــــة  (الماجستير) في جامعة الإيمان ، ووجدت الموضوعـــــات الـــــتي تناولتها الباحثــــــة جزاها الله خيرًا على درجة كبيرة من الأهمية ، لأنهــــــا كشفتْ المؤامرة الكبيرة التي يحرص على تمريرها أعداء الإسلام في بلاد المسلمين بإفساد مجتمعات المسلمين ، وتقويض بنيانها عن طريق تسويق ما يُسمّى بالجندر ، الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى تمزيق البناء الفِطْري للأسرة ، واستبداله بفوضى مُنْحَطّة لا تقبلـــــها غــــرائز الحيوانات ... والتركيز بالدرجة الأولى على إفساد المرأة  ،  لمعرفتهم بخطــــــــورة تأثيرها ، وهو ما عبّر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله : ( ما تَركْتُ بعدي فتنةً أَضَرَّ على الرجال من النساء) متفق عليه .

     لقد أُصيب أهل الكتاب بالفتنة ، و كان أوّل فتنة بني إسرائيل في المــــــــرأة ، واستحْكمتْ فيهم هذه الفتنة وتداعياتها وتوابعها حتى أفسدتْ عليهـــــــم كل شيء..وتَغَلْغَلَتْ فيهم الأَوبئةُ والأمراض المعنوية والعضوية المدمِّرة ...فأصابهم الإيدز الجـَسَدِيُّ في الأعماق ،  ومِن قبْلِه وأشدّ منه أصابهم الإيدز السرْمديُّ في الأخلاق.. الذي استفحل أمره في هذا العصْر ليُفرِز كارثة الجندر التي أرادوا لها التدويل والعَولمة .. مُسْتعينين لتحقيق ذلك بإمكاناتهم الهائلة ، وإعلامهم الواسع ، وعملائهم الكُثْر ، و نفوذهم الكبير !

     لقد حذّرنا الرسول عليه الصلاة و السلام من عَدْوى هـــــــــؤلاء الـــــــذين ( يتمتّعون ويأكلون كما تأكل الأنعام)  فقال :(فاتقوا الدنيا واتقوا النســــاء ، فإن أوّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) رواه مسلم .

     إنّ الإنسان السَّوِيَّ لَيـَشْعُرُ بالوَحْشة ، وهو يُطالِع أفكار الجندر ... و يسْتغرب كيف تَجَرّأ  أصحابها على البَوْح بها ، ثمّ نشْرها ، ثمّ الحرْص على محاولة تحْويلهـــا إلى واقع رغْم قذارتها ...!   صِيَغٌ جديدة للأُسرة في ظل الجندر .. رجل يتــزوج رجلا !! .. امرأة تتزوج امرأة !!... امرأة تتزوج عــــــددًا من الرجــــــــــال!!... ولا يخجلـــــــــــون أنْ يُسَمُّوا كلّ صورة من هذه الصوَر أسرة !! ...

     لو أنهم مُسِخوا قِرَدَة لَمـــَا سَمَحتْ لهم غريزة القرود بذلـــــك .... لأنه ليــس معروفًا في عالَم القرود أنْ يُشَكّل القرْد مع القرْد أسرة .. والقرْدة مع القرْدة أسرة .. ولا كذلك في عالَم أيّ صنف من الحيوان !

     إن الإنسان إذا صار مَسيخًا وفَـقَد فِطْرتَه فإنه يصير أسْفل من الحيـــــــــوان... (أولئك كالأنعام .. بل هم أَضلّ) الأعراف . ( لقد خلَقْنا الإنسان في أحْســـــن تقْويم ، ثمّ رددْناه أسفل سافلين ، إلا الذين آمنوا ...) التين .

     كانتْ بداية الشذوذ المناداة بالمُساواة بين الرجل والمرأة .. ثمّ انتهى شـــــــــوط الشـــــذوذ بالمناداة بالمُمَاثَلَة ( الجندر)  ... ونحن لا نَسْتَعْتِبُ المغضوب عليهــــــم  و لاالضالين في هذه الانحرافات فقد لعنهم الله وختم على قلوبهم ..ولكننــــــــا نَسْتَعتِب بعض المسلمين !.. المُـتَشَرِّفين بالنور المبين .. المُـسَارعين ــ رغم ذلك  ــ  وراء شذوذات المساواة  التي هي خطــــواتٌ في برنامج الأعداء للوصــــــــــــول إلى المسْخ (الجندر) ... فضْلًا عن مصادمتها للنصــــــــــــوص القطعيــــة الكثيرة ، ومُفْردات الواقــــــع الحياتي الضخم المتكرّرة بتكرُّر الأعــــداد الهائلة للرجـــــــال والنساء في كل زمـــــان ومكان ... القاطعة كلها بالتمايُز بين الرجل والمـــــــــــرأة ، حسب خصائص كل منهما ،  وإنْ كان هنـــــــالك قَـــــــــــدْر من التســـــــــــاوي الإنســـــــاني الشرعي لا تدخل فيه هذه الشذوذات ...

     إن الإعجاب الذي وقع فيه بعض المسلمين بأفكار الغرب ، إنما هو نــــــــوع من الانهزام  .. وإلّا  فأيُّ خير عند الكافرين في العقائد والأخلاق والتشريعــــات والسياسات ونحوها ، وقد ذمّهم الله ورسوله في كل ذلك؟ ...

     لقد تكـــــــاثرت التحذيرات من الأخذ عنهـــــــــم أوالاستـــــــــــــــيراد منهم ـــ باستثناء المناسب المشروع في مجال المادّيات ـــ  مهما قــلّ هذا الأخْــــــــــــــــــــذ أو الاستـــــــــــيراد أو الدخول في جحر الضبّ  !  قال تعـــــالى :  (واحذرْهم أنْ يفْتِنوك عن بعـــــــض ما أنزل اللــــــه إليـــــــك) المائدة . وقـــــــال تعـــــــــــالى : ( إنّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهـــــم الهدى الشيطانُ سوّل لهم وأمْلَى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهــــوا مانـــــــزّل الله سنطيعكم في بعـــض الأمر...) محمد . و إنّ ما عندنا من الهـــــــــدى يكفينا .. قال تعالى : ( ونزّلنــــــا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدًى ورحمةً وبُشْرَى للمسلمين) النحل .

     إن وجود منظمات في بلاد المسلمين .. ووجود مراكز.. ووجود دعاة يتبنّــــون بعض هذا البلاء ويُروّجون له ، ويحضرون مؤتمراته ، ويتبَاهـَـــــون بأنهـــــــم قد حقّـــــــــــــــقوا منجزات ، وأنهم بسبيل المزيد منها كالكوتا النســــــوية وتعميم التبرُّج والاختلاط وتعديـــل القوانين لترجيل المرأة  ...إلخ. ...

      إنّ وجود ذلك والسكوت عليه من قِبَـــــــــــل المسئولين والعلماء وطـــلاب العلم والدعاة والعامة ..  لهو الخطر الماحق المحقَّق ....

 

ولِلنِّسوانِ شَهْرٌ كُلَّ شَهْرٍ

 

 

 

مسَاوَاةٌ ونَبْذٌ لِلْكِتابِ

 

َ

حملْنا بَعدَهُم فِكْرَ التَّساوِي

 

 

 

فَجاءَتْنا الجَنادِرُ بالعِقابِ(1)

 

 

      لقد نزلتْ بنا العقوبات ونخْشى المزيد ... ( واتقوا فتنة لاتصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة ، واعلموا أن الله شديد العقاب) الأنفال . ... ( فلمّا نسُوا ما ذُكِّروا به أنْجينا الذين ينْهَـــون عن السوء ، وأخذْنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كان يفسقون) الأعراف .

      إن هذا الكتاب  خُطوةٌ في الاتجاه الصحيح ، و جهْدٌ  مبارك في كشْف هــــذا الخطر وتحذير الناس منه  ،  ومحاولةٌ لِأيقاف السير في طريق الانحدار الذي أخذ يسير فيه ــ مع الأسف ــ  بعضُ مَن يُشار إليهم بالبنان ...

      نسأل الله العافية ، ونسألـــــه سبحانه أنْ يحْفظ علينا ديننا، وأن يوفقنــــــا جلّ وعلا لِأداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...  وجزى الله الباحثة خيرا ، وكل من أعان على طبــــــع هذا الكتاب ونشره ، وكل من قام بواجبه في الصدْع بالحق والنصيحة ، فالدين النصيحة ... والله المستعان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) من قصيدة (فتنة الدهيماء) .                                                       

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©