الحديث الذي مضمونه أن الله
يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لهم
إلا لِمُشرك أو مُشاحِن حديث وَرَدَ من طُرُق
، وأخرجه ابن ماجه والطبراني وابن حبان
والبيهقي ، وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني
بسبب تَعدُّد هذه الطرق .
وقد يذكر الألباني في بعض كتبه
أنه حسن باعتبار الطريق التي ذكرها هناك ، أو
يذكر أنه حسن صحيح باعتبار أنه بالنظر إلى بعض
الطرق حسن ، وبالنظر إليها بمجموعها أو بعضها
الآخر صحيح .
وقال الألباني في سلسلته
الصحيحة : " وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث
متعدّدة ، وقد اختُلف فيها فضعّفها الأكثرون "
.
وقال ابن تيمية في ( اقتضاء
الصراط المستقيم ) عن ليلة النصف من شعبان : "
الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من
أصحابنا وغيرهم على تفضيلها ، وعليه يدل نصُّ
أحمد لتعدّد الأحاديث الواردة فيها ، وما
يصدّق ذلك من الآثار السلفية ، وقد رُوي بعض
فضائلها في المسانيد والسنن وإن كان قد وُضِع
فيها أشياء آُخَر " يعني أحاديث موضوعة " .
فأما صوم يوم النصف مُفْرداً ،
فلا أصل له ، بل إفراده مكروه ، وكذلك اتخاذه
موسماً تُصنع فيه الأطعمة وتظهر فيه الزينة هو
من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها
، وكذلك ما أُحدِث في ليلة النصف من شعبان من
الاجتماع العام للصلاة الألفية في المساجد
الجامعة ومساجد الأحياء والدور والأسواق ، فإن
هذا الاجتماع لصلاة نافلة مقيدة بزمانٍ وعددٍ
وقدرٍ من القراءة مكروهٌ لم يشرع ... " .
وذكر الألباني في سلسلته
الصحيحة أن المشرك الذي لا يغفر له المذكور في
الحديث هو كل من أشرك مع الله شيئاً في ذاته
أو في صفاته أو في عبادته ، وأن المُشاحِن كما
قال ابن الأثير هو المُعادِي ، والشحناء :
العداوة ... وأن الأوزاعي قال : المُشاحِن هو
صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة اهـ .
هذا الحديث يدل على مناسبة في
رأس العام يجب على المسلمين أن يستعدّوا لها
بتصفية ما بينهم من العداوات ، ومن الابتداعات
في الدين التي تسبّب لهم الفرقة والشحناء
والبغضاء حتى تشملهم مغفرة الله ، وحتى تدوم
عليهم أُخوّتهم ووحدتهم.
وهنالك مناسبة أسبوعية كذلك
كما في الحديث الذي عند مسلم : ( أن الأعمال
تُعرَض كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل امرئ لا
يشرك بالله شيئاً إلا امْرأً كانت بينه وبين
أخيه شحناء فيقول : اتركوا هذين حتى يصطلحا )
فهذه مناسبة أسبوعية لتفقّد الأُخوّة والوحدة
بين المسلمين ولاسيما بين الدعاة إلى الله .
فهل آن لنا أن نستشعر ذلك
أسبوعياً ، ثم في رأس العام لملاحقة ما يتبقّى
، لاسيما والمؤامرات علينا كثيرة من شياطين
والإنس والجن ، وأُخوتنا ووحدتنا تعاني من
الزلازل والهزّات .
والذنوب هي التي تمزّق الشعوب
والله يقول : ( فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا
ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ
الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ... ) ، وليس من
مخرج للرعاة والرعية إلا التوبة بأن نتغافر
فيما بيننا بصدق ونستغفر الله بعد ردّ الحقوق
وإزالة البدع .
|