كارثة جنوب شرق آسيا

بتاريخ 30/11/1425هـ الموفق 11/1/2005م

 

إنها كارثة حقاً أن يقتل نحو مائة وخمسون ألف إنسان، ويشرد مئات الآلاف، ليست ظاهرة طبيعية فحسب كما تريد وسائل الإعلام العلمانية أن تفسرها وتختزلها في هذا الوصف.

 إنها أعظم من ذلك، إنها آية من آيات الله الكثيرة، ولا يحدث شيء في هذا الكون الواسع إلا بأذن الله وحكمته وتقديره (( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))[الأنعام:59].

 ومن آيات الله ما يخوف سبحانه به عباده إذا أسرفوا على أنفسهم في الذنوب من أجل أن يرتدعوا، قال تعالى: (( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً ))[الإسراء:59]، وقال صلى الله وعليه وسلم -كما في الحديث المتفق عليه بخصوص الخسوف والكسوف وهما من آيات الله، والزلازل مثلهما-: { ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره واستغفاره }،ثم قال: { يا أمة محمد! والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمة، يا أمة محمد! والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً }.

 لقد حدث زلزال هائل في عمق المحيط الهندي قرب جزيرة (سومطرة) الإندونيسية، وبلغ تسع درجات على مقياس رختر، وهي درجة عالية كان من آثارها أن اضطرب المحيط وارتفعت أمواجه؛ فوصلت في بعض السواحل إلى ستين متراً، وسارت بسرعة (500 كم) في الساعة؛ فأحدث فيضانات في المناطق الساحلية في إندونيسيا وتايلاند والهند وسرلانكا والمالديف والصومال وغيرها؛ ووصل المد إلى سواحل اليمن.

 ومعلوم أن هذه ا لسواحل يجري في كثير منها ما يغضب الله من السياحة غير الشريفة، وألوان الفساد؛ فكان أن فاجأهم الله بعقابه (( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ ))[الأعراف:97] * (( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ))[الأعراف:98] * (( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ))[الأعراف:99].

 وسنة الله في العقاب أنه إذا نزل يعم؛ فيصيب المفسدين ومن حولهم من الساكتين، وإذا أصاب بعض الصالحين فهي منحة وشهادة لمن مات منهم، ففي الحديث المتفق عليه بخصوص الخسف الذي يقع على الجيش الذي يريد غزو الكعبة، ذكر عليه الصلاة والسلام عندما سئل عن شمول الخسف الذي يقع على الجيش الذي يريد غزو الكعبة: (ثم يبعثون على نياتهم)، ولقد كان من آيات الله في هذه الكارثة العظيمة سلامة كثير من المساجد -كما ذكر شهود عيان في إقليم ( اتشة) في إندونيسيا- حتى منها مبنياً بالخشب؛ وصارت ملاذاً وملجأً للناس .

 بقي أن نقول: إن البلاء الأعظم النازل بالمسلمين في هذا الزمان هو أعظم من هذا الزلزال وغيره، وهو تشتت المسلمين وعدم وجود رأس يجمعهم -الخليفة- ويرعاهم ويسهر على ضعفائهم.

 لقد هبت المنظمات التنصيرية لتقديم المعونات لأبناء ملتها، وكذا لتقديمها للمسلمين، ولكن مع دعوة التنصير، ولم يتنبه المسلمون الذين لا يجمعهم رأس إلا بعد أن ذهب كوفي عنان إلى جاكرتا وناداهم من هناك؛ فتحركت بعض الجهات بعد أن مر على الكارثة ما يقرب من أسبوعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©