تَذْوِيبُ الدّولَة وتعطيلها

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 20 جمادى الأولى 1435هـ الموافق 21 مارس 2014م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/dwlh.mp3

     قال تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ، بلَى مَن أَوْفَى بِعَهْدِهِ واتَّقَى فإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المتَّقِين) آل عمران .

     جاء في تفسير ابن كثير :

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ. فَقَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. قَالَ: ائْتِنِي بِالْكَفِيلِ. قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلا. قَال : صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي استَسْلَفْت فُلانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلا فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلا فَرَضِيَ بِكَ ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَإِنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّي اسْتَوْدَعْتُكَهَا ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا يَجِيئُهُ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا كَسَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ تَسَلَّف مِنْهُ، فَأَتَاه بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ هَذَا؟ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِأَلْفِ دِينَارٍ رَاشِدًا.

    هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعِهِ مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَأَسْنَدَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنَ الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنْهُ ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ .

    (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أَيْ إنَّمَا حَمَلهم عَلَى جُحود الْحَقِّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي دِينِنَا حَرَجٌ فِي أَكْلِ أَمْوَالِ الْأُمِّيِّينَ، وَهُمُ الْعَرَبُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ، وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ بُهْت .

     قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَعْصَعَة بْنِ يَزِيدَ  ؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّا نُصِيب فِي الْغَزْوِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الدجاجةَ والشاةَ؟ قال ابن عَبَّاسٍ: فَتَقولون مَاذَا؟ قَالَ: نَقُولُ لَيْسَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بَأْسٌ . قَالَ: هَذَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ) إِنَّهُمْ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ لَمْ تَحلَّ لَكُمْ أموالهُم إِلَّا بِطِيب أَنْفُسِهِمْ ، وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِنَحْوِهِ ، كما َأَخْرَجَه ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. اهـ . بتصرُّف .

      جاء في تفسير الشوكاني :

     ادَّعَوْا- لَعَنَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِمْ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ ، (بَلى) أَيْ: بَلَى عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ لِكَذِبِهِمْ، وَاسْتِحْلَالِهِمْ أَمْوَالَ الْعَرَبِ، (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ: أَيْ: مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَلَيْسَ مِنَ الْكَاذِبِينَ.

     وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ قَالَ: هَذَا مِنَ النَّصَارَى وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ قَالَ: هَذَا مِنَ الْيَهُودِ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً قَالَ: إِلَّا مَا طَلَبْتَهُ وَاتَّبَعْتَهُ . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قتادة في قوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: لَيْسَ عَلَيْنَا فِيمَا أَصَبْنَا مِنْ مَالِ الْعَرَبِ سَبِيلٌ .  وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ.

     وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ قال النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: (كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ، مَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا وَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، إِلَّا الْأَمَانَةَ فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ) . اهـ . بتصرُّف .

      جاء في تفسير السعدي :

     يخبر تعالى عن حال أهل الكتاب في الوفاء والخيانة في الأموال، لما ذكر خيانتهم في الدين ومكرهم وكتمهم الحق ، فأخبر أن منهم الخائن والأمين، وأن منهم (مَن إنْ تأمنْه بِقنطار) وهو المال الكثير (يُؤدِّهِ) وهو على أداء ما دونه من باب أولى، ومنهم (مَن إنْ تأمنْه بدينارٍ لا يؤدِّهِ إليك) وهو على عدم أداء ما فوقه من باب أولى وأحرى، والذي أوجب لهم الخيانة وعدم الوفاء أنهم زعموا أنه (ليس) عليهم (في الأميين سبيل) أي: ليس عليهم إثم في عدم أداء أموالهم إليهم، لأنهم بزعمهم الفاسد لم يجعلوا للأميين حرمة، وأجازوا ذلك، فجمَعوا بين أكل الحرام واعتقاد حِلِّه وكان هذا كذبا على الله، لأن العالِم الذي يحلِّل المحرمات معلوم أنه يخبر عن حكم الله ، وذلك هو الكذب، فلهذا قال (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) وهذا أعظم إثما من القول على الله بلا علم، ثم رد عليهم زعمهم الفاسد.

    فقال (بلى) أي: ليس الأمر كما تزعمون بل عليكم في ذلك أعظم الحرج وأشد الإثم .

    (من أوفى بعهده واتقى) والعهد يشمل الذي بين العبد وبين ربه، وهو جميع ما أوجبه الله ، ويشمل العهد الذي بينه وبين العباد، والتقوى ترجع هنا إلى اتقاء المعاصي بين العبد وبين ربه، وبينه وبين الخلق، فمن كان كذلك فإنه من المتقين الذين يحبهم الله ، سواء كانوا من الأميين أو غيرهم، فمن خالَف لم يكن ممن يحبه الله، نسأل الله العافية. اهـ . بتصرُّف .

     يستفاد من النصوص :

     1- الممارسة التلقائية للواجبات ، دون ملاحقة ، ودون دفْع من الخلْف كالسيارة المعطَّلة ،

     وعدَم ذلك فساد في الأفراد و في الموظفين وأرباب المناصب ، ولا سيما في أوساط الدعاة والمتديِّنين .. عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الْأَنْصَارِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: (وَمَا لَكَ؟) قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: (وَأَنَا أَقُولُهُ الْآنَ، مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى) رواه مسلم . 

    وقال عليه الصلاة والسلام : (مَا مِنْ أَمِيرِ عَشَرَةٍ إِلَّا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولًا، لَا يَفُكُّهُ إِلَّا الْعَدْلُ، أَوْ يُوبِقُهُ الْجَوْر) رواه أحمد بإسناد جيِّد عن أبي هريرةكما قال الألباني ، وقال محقِّقو المسند بإشراف التركي إسناده قويٌّ ، كما رواه أبويعلى والبزار وغيرهم . ولذلك قال تعالى : (إنّ الله يأمرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأَماناتِ إلى أهلها) النساء . وقال عليه الصلاة والسلام : (كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيّته) متفق عليه .

     2- و عندما لا يقوم المسؤولون في الدولة بمسؤولياتهم في هذه الأيام في بلدنا و في غيره فإنهم يقومون بإذابة الدولة تطبيقًا لنصائح الخارج (الأعداء) في الانتظار و في الاكتفاء ببقاء الدولة فخْرية وظاهرة صوتية حتى تزول الهيبة ، وتحِلَّ الفوضى الخلّاقة الممهِّدة لمزيد من التدخل الخارجي لحماية المناهج و المصالح الأجنبية .     وهذه الفوضى المُهلكة للحرث والنسل ، لا نجدها إلا في بلاد المسلمين ولا نراها في أي مكان في العالم ، حتى استغلَّها القَتَلَة أنفسهم وصانعو الفساد لينادُوا هم بعد استفحال الفساد وغَلَبَة الفوضى بإصلاح الحكومة !! .. ليواصلوا مسيرتهم في نفس طريق هذه الفوضى حتى يكون حاميَها حراميُّها كما حدَث في العراق وفي مصر ، ويراد له أن يحدث في ليبية وفي اليمن ، وما ارتفعت الأصوات أخيرًا لأجله في سورية للجلوس مع القَتَلَة والمجرمين باسم التوافُق .

    وانظروا إلى المفارقات كيف أن الدولة في سورية مثلًا صارمة جدًّا ومجرمةٌ جدًّا تمارس أبشع أنواع القتل والتهجير والاضطهاد ، و الخارج إقليميًّا ودوليًّا متعاونٌ معها ، و المنافقون الذين لا إيمان لهم متعاونون كذلك ، وكذلك الحال في مصر والعراق .. صرامةٌ مع الأبرياء منقطعة النظير بمزْعوم محاربة التكفير ، على طريقة فرعون كما حكى الله : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) المؤمن .. فإمّا أن يحكمُوا أهل الإسلام حتى يكون البلد مسمارًا في آلة الخارج بدون أي هُوِيَّة ، وإما أن يقتلوا الناس ويُدَمِّروا كل شيء .. وكلُّ ذلك برعاية دوليّة من مجلس الأمن وغيره .

    والأمر على خلاف ذلك في ليبية واليمن فالدولة هنا مؤدَّبةٌ جدًّا وتمارس الحوار والوساطة و والوعظ مع القَتَلَة والعابثين والطائفيين والمخرِّبين ، و تقوم بإخلاء المعسكر لإقامة حديقةٍ إرضاءً لهم ، في حين يواصلون مشروعهم ، وتَتَمَاهَى إهمالًا وسكُوتًا وذوَبانًا إلى حدّ التضحية بوجودها أمام الذين يَقضون على كيانها وعلى كل المقوِّمات وأمام كلّ المؤامرات. وهذا أيضًا برعاية مجلس الأمن.   

      3- تذويب الدولة يتمثل في مماطلة رئاستها وبعض مسؤوليها و كثرة مواعيدها واستعراضاتها الفخرية الصوتية ، والمنجزات الوهمية ، وأخيرًا التعيينات العسكرية التي انتقدها الناصحون .. كما أن الناس انتظروا ، وطال الانتظار و هم يجِدون حوادث قطْع الكهرباء  وتلغيم أنابيب النفط ، والاغتيالات والتهجيرات وتفجيرات المنازل والتفخيخات تملأ الفترة الماضية وإلى الآن ، وكذلك الاختناقات في الديزل والغاز ، دون توجيه أصابع الاتهام أو التآمر إلى أيِّ جهة ، فضلًا عن عدَم إجراء أيِّ تحقيقٍ أو قبضٍ أو محاكمة، وظهرت بذلك صِدْقيّة الدولة من عدمها فقد انتهت العِدَّة.         

     وفي الختام يقول سبحانه : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الأحزاب .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©