الاقتصاص بين المؤمنين قبل دخول الجنة

خطبة جمعة في الإصلاح في 10/6/1429هـ  13/6/2008م

 

  * قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله   عليه وسلم قال:  (إذا خلَص المؤمنون من النار حُبِسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا أُذِن لهم بدخول الجنة، فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدلُّ بمنزله الذي كان في الدنيا.

وقال يونس بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة حدثنا أبو المتوكل. والحديث رواه كذلك أحمد وابن حبان وأبو يعلى والحاكم وغيرهم ، وفي بعض الروايات الاستدلال بقوله تعالى : (ونزعنا ما في صدورهم من غِلّ) الحجر.

     ( حبسوا ) أوقفوا . ( بقنطرة ) كل شيء ينصب على طرفي واد أو جانبي نهـر ونحوه . ( فيتقاصّون ) من القصاص والمعنى يتراضون فيما بينهم ويتسامحون ويُقْتَصُّ عما كان لبعضهم من تبعات على بعض . ( نقوا وهذبوا ) خلصوا من جميع الآثام ولم يبق على أحدهم أية تبعة، من التنقية وهي تمييز الجيد من الرديء والتهـذيب وهو التخليــص . ( أدلّ ) أكثر دلالة وأعرف .

*    هذا الحديث يدل على عدل الله الشامل الذي يشمل فيما يشمل المؤمنين فيما يجري بينهم .

*     الجنة لا يدخلها المؤمنون إلا بعد الطهارة التامة من كل التبِعات .

*     يعدل الله بين المؤمنين دون وجود سواهم بينهم عند القنطرة ، لحكَمٍ كثيرة، ولعل من ذلك ألاّ يشمَت الآخرون ، وينبغي للمؤمنين في الدنيا أن يستفيدوا من ذلك عندما يحلُّون مشاكلهم (فلا تشمت بي الأعداء) الأعراف .ولا يجوز السماح للمنظمات الأجنبية بالتدخل في قضايا المسلمين ، وزعْم تقديم الحلول ، كالأمم المتحدة وما يتفرّع عنها ، ونحو ذلك من المنظمات التي تملأ بلاد المسلمين ، وما نصح كافرٌ أو منافق مسلمًا ....

*   الخلافات والعداوات بين المؤمنين واردة ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) ، ولكن لابد من مساعي الصلح (فأصلحوا بين أخويكم) والوقوف ضد الباغي .

*وعدل الله لايستثني ما عند أهل الجنة لأهل النار من مظالم ، وما عند أهل النار لأهل الجنة من مظالم  . والمجازاة هنا تكون في المحشر أمام عموم الخلْق ، قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا همام بن يحيي عن القاسم بن عبد الواحد المكي عن عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رحْلي فسرتُ إليه شهرا حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب قل له جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله قلت نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته  ، فقلت :حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (يحشر الناس يوم القيامة أو قال العباد عراةً غُرْلًا بُهْمًا قال: قلنا وما بُهْمًا؟ قال ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه مَن بَعُدَكما يسمعه مَن قَرُبَ : أنا الملِك، أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حقٌّ حتى أقصَّه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حقٌّ حتى أقصَّه منه، حتى اللطمة، قال قلنا :كيف، وإنا إنما نأتي الله عز وجل عُراةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال :بالحسنات والسيئات.

*    قال شعيب الأرنؤوط : (إسناده حسن) . وقد رواه الحاكم أيضا وقال: إنه صحيح ووافقه الذهبي ، وذكره البخاري تعليقا .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©