الانقلابُ على الشرعية في مصر

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 26 شعبان 1434هـ الموافق 5 يوليو 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/enqlab.mp3

    سنَّةُ الله في الكافرين والمنافقين أنهم يُفسدون ثم يَهلِكون والعاقبة للمتقين :

     قال تعالى : (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) الأعراف .

     وقال تعالى : (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) هود .

     وقال تعالى : (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ، قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ، وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) النمل .

     وقال تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ، إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ، وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) الشمس .

      وقال تعالى : (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج .    

      وقال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب .

     يَفرَح المؤمنون بانتصار الحق أو انتصار مَن كان قريبًا من الحق ، ولا يَشْمَتُ بما جرَى في مصر بحُجَّة أن هؤلاء مخلِّطون إلا مَن كان في قلبه مرض .

     قال تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم .

     أخْذ العِبْرة من الذي جرَى في مصر :

    1- سقَط الطاغوت وتنفَّس الناس الصعداء ، وحصل قدْرٌ من الحرية فوصل المتديّنون إلى السلطة ،فثارت ثائرة الغرب و بقيَّة الظالمين المستبدين في المنطقة ، فضَخُّوا أموال الأُمّة بغير حقٍّ وحبَكوا المؤامرات ، ولم يتركوا للمتديِّنين أيّ فرصة هدوء على مدى الفترة الماضية ، إلى أن أحْكَمُوا المؤامرة وأسقطوا الشرعية وعقَروا الناقة ، لأن مصادر القوة وهي معظم الأمن والجيش في أيديهم .

     2- وكما أن الباطل يحرص على أسباب القوة ، فما سقَطت الخلافة العثمانية إلا بالقوة ، وكانت دولة كبرى ، فكذلك لن يقوم الحق وتعود الخلافة من جديد إلا بالحرص على أسباب القوة ، وهذه سنة الله التي لا تُجامل أحدًا ، وقد هدأت الانقلابات في تركية مثلًا حين انتبه الحكام المتديّنون أخيرًا إلى مَكامِن القوة فجعلوها مُحايِدةً على الأقل ، إلى أن يترَعْرَع المشروع الإسلامي إن شاء الله  .

     3- واليوم يقول الانقلابيون في مصر لن نسمح بإهانة المتديّنين أو الاعتداء عليهم ، وهذا خداعٌ مكشوف ، فبالأمس كان البلاطجة يَقْتُلون المتديّنين ويُحرِقون مبانيهم ، والجيش والأمن لايُحرِّكون ساكنا ، ثم عندما انقلب الجيش والأمن على المتديّنين ، إذا بالجيش والأمن يعتقلون  المتديّنين ، ويضعون المئات منهم على قائمة الملاحقات و الاعتقالات ..  تمهيدًا للتحقيقات والمحاكمات !! ولِيَفتَحوا في ظنِّهم على المتديّنين فصْلًا جديدًا من المعاناة .

     4- والغرب وهو المتآمر الأصلي يُبْدي بِكلِّ مَكْرٍ وخُبْثٍ قلقَه وتخوُّفاته ، وحرصه على المدنية و على عودة المياه إلى مجاريها .. (دموع التماسيح) !! .. وذلك للتغطية على فصول المؤامرة إلى نهايتها ، كما فعل ويفعل في قضية سورية .. فهو قلِقٌ منذ نحو سنتين ونصف !! ..والمؤامرة ماضية على قدمٍ وساق . 

     5- والأنظمة المحنَّطة في المنطقة التي تدور في فلَك الغرب ، و التي بدأتْ تعصف فيها رياح التغيير تضُخُّ الأموال لإسعاف الظلم والفساد ومحاولة إعادة العجَلة إلى الوراء ..ثم لا تصبر عن إبداء الفرح والتهنئة بما فعله الانقلابيون ، خادعةً نفسها بأوهام النجاح .

     6- ولكن الحياة عِبَرٌ ودروس ، ولا بدَّ أن يفهَم المتديّنون الدرس ، فيعملوا على إيجاد الألْفَة والأُخُوَّة و القوة والتوازن والرّدْع بما فيه الكفاية وفي ضوء المشروعيّة ، لحماية المشروع الإسلامي ألا وهو إعادة دولة الإسلام الكبرى (الخلافة) ، المخيف جدًّا للغرب والمنافقين، الذين لن يأْلُوا جهْدًا بمَجموعهم في إعاقته ، قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ، وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ........ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الأنفال .  

    7- و في الختام لا بد من التفاؤل ، وهذه جولةٌ وبعدها جولاتٌ .. والمستقبل للإسلام وسوف يظهر بإذن الله على الدِّين كله ، ويدخُل كل بيت ، وتعود الخلافة حتْمًا على منهاج النبوة ، كما تدُلُّ النصوص .. قال تعالى : (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ،  وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) آل عمران .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©