لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/entsar.mp3
العدوان على غزة و أهداف اليهود من ذلك :
استمرت الحرب على غزة ثمانية أيام ، و
استخدمتْ فيها إسرائيل قواتها الجويّة و
البريّة و البحريّة ، و قَصَفَتْ غزة قصْفًا
مُتَواصِلاً و دَمَّرتْ كثيرًا من مبانيها
الحيَويّة (حوالي ثلاثمائة منزل) و بِنْيَتها
التّحْتِيّة ، و قَتَلتْ بعض القيادات ، و بلغ
مجموع القتْلى أكثر من مائة وستين و فيهم
أطفال و نساء ، و الجرحى ألفٌ و مائتين قال
تعالى : (و لا يزالون يُقَاتلونكم) البقرة .
و كان هدف اليهود إرسالَ رسالةٍ للعَرب
أنّ دولة اليهود غير مُباليةٍ بالتغيير الذي
حصل في عدَدٍ من البلدان العربية ، و لاسيّما
مصر ، و أنها مُسْتمِرة في غطْرستها ، و أن
على الفلسطينيين ألّا يَركنوا إلى شيء من ذلك
، كما كان غرضهم تدمير القوّة المخزونة
والمتنامية لحماس ، و منها القوّة الصاروخية
التي تجعل اليهود تحت رحمتها ، و كان من
أهدافهم صرْف الأنظار عما يحدُث في سورية من
التدمير و التغيير ، و عمّا يحدث كذلك في
الأردنّ من فعّاليّات في طريق التغيير. قال
تعالى : (إنّ الكافرين كانوا لكم عدُوًّا
مُبِينًا) النساء .
لقد حشَد اليهود ثلاثين ألفًا حول غزة
بكامل عُدّتهم المُتَطوِّرة ، ثم هدّدوا برفْع
العدَد إلى خمسة وسبعين ألفًا من أجل اجتياح
غزة ، و تبيَّن أن ذلك من أجل الضغط والتخويف
.
صُمُود غزة و تأثير صواريخها و موقف الدُّول
العربية الجادّة :
لقد كانت النتيجة صُمُود غزة ، و لا
مبالاتها بالتهديد بالاجتياح البرّي رغم صِغَر
حجمها و إمكان تفتيتها إلى قِطَع لأنه لا يوجد
عُمْق ، و تحمّلت أنواع القصف ، في حين
أمطَرتْ حماس المُدُن اليهودية على مدى ثمانين
كيلو مترا بألفٍ و أربعمائة صاروخ ، و لم
يتمكّن اليهود إلا من اعتراض خمسمائة صاروخ
منها حسب زعْمهم بقبّتهم الحديدية .
و قد سقطت الصواريخ في مُدُنٍ يهودية
مهمة منها القدس و تلّ أبيب و هرتسيليا لأول
مرة ، و أصاب الرُّعب ملايين اليهود ، و في
آخر يوم و ضَعَ فلسطينيٌّ عُبُوّةً ناسفة داخل
حافلة إسرائيلية أوقعتْ سبع عشرة إصابة حسب
اعتراف اليهود ، ممّا زاد من أجواء الرُّعب
بين قُطعان اليهود الذين هم أحرص الناس على
حياة . قال تعالى : (لا يقاتلونكم جميعًا إلاّ
في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أو من وراء جُدُر) الحشر
.
و لم تقف دُوَل العَرَب هذه المرّة
مُتَفَرِّجة كالمعتاد ، و إنما أعلنتْ مصر
موقفها الرافض للعدْوان ، و أنها لن تترك
الفلسطينيين وحدهم ، و أرسلتْ رئيس وزرائها مع
وفدٍ إلى قلْب غزة في غَمْرة القصْف الذي لم
يكد يتوقّف ، ثم اقتدتْ بها تونس فأرسلتْ وزير
خارجيّتها مع اثنَيْ عشَر وزيرًا في اليوم
التالي ، و في اليوم الثالث دخل أمين عام
جامعة الدول العربية مع عشَرة من وزراء
الخارجية من الدُّول العربية ، و معهم وزير
خارجية تركية ، ثم أعلنتْ ليبية إرسال رئيس
وزرائها مع وفدٍ من الوزراء ..
انهزام اليهود و طلبهم الهدنة والتحوُّلات في
المنطقة
:
و لم يصْمُد اليهود هذه المرّة إلا قليلاً
حتى بادَروا فطلبوا الهدْنة عبْر أمريكا و عن
طريق مصر ، و قبِلوا شروط حماس ، و أوقفوا
الحرب في آخر اليوم الثامن ، و ارتضَوا أن
تكون مصر ضامنًا للطرفين رغم موقف مصر المؤيّد
لِغزة ، و هذا يَدُلّ على مَدَى حرص اليهود
على إيقاف الحرب . قال تعالى : (لَأَنْتم
أشَدُّ رهْبَةً في صُدًورهم من الله) الحشر .
إن هنالك تَحَوُّلاً كبيرًا قد ظهر في
المنطقة لمصلحة الإسلام و المسلمين ، و إن
هنالك قوّةً كبيرةً تَتَشَكّل في المنطقة من
أهل السُّنّة والجماعة ، و سوف تَتَعَمْلقُ إن
شاء الله خلال السنوات القادمة ، و تقوم دولة
الخلافة ، و هذا وعْد الله : ( وإنّ جُنْدَنا
لهُمُ الغالبون) الصافات .
من أجل التسريع لِلتّمكين لا بدّ من أسْلَمة
كل شيء و تحاشي المنكرات ، (و من ذلك
الانتباه لِمَا ذَكَّرتْ به وصيّة القائد
المؤسِّس لكتائب القسام)
:
أوصَى القائد صلاح شحادة المؤسِّس لكتائب
القسام رحمه الله بعَدَم نشْر صُوَره ، و عدَم
إقامة حفْلٍ بعد موته ، و عَدَم تسميته شهيدًا
.. و تفصيل تطبيق ذلك في الواقع كما يلي :
أوِّلاً : إلغاء تعظيم الزعامات و
كَيْل المديح لهم ، فهذه سُنّةٌ جاهليّة
وَرِثناها من المُلْك الجبْري ، و قد
استبْدَلتْ مصر بصُوَر الرئيس شعار (الله جلّ
جلاله) في المكاتب الرسمية ، و ندعو سائر
الحركات الإسلامية الدعوية و الجهادية بما
فيها حماس للاقتداء بمصر و الابتعاد عن تعليق
و نشْر الصُّوَر ، ومنها صُوَر كثير من
القيادات الحيّة أو التي اسْتُشْهِدتْ (فيما
نَحْسَب) .. فإن التركيز على صُوَر القيادات
المحبوبة قد يُفْضِي إلى تعظيمها و هذا ما
حرّمه ديننا .
قال البخاري : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ ابْنِ
جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : صَارَتْ
الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ
نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ .. أَمَّا وَدٌّ
كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدُوْمَةِ الْجَنْدَلِ ،
وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ ،
وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ
لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ ،
وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ ،
وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ
ذِي الْكَلَاعِ ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ
صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ، فَلَمَّا
هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى
قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى
مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ
أَنْصَابًا ، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ
فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا
هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ (زال) الْعِلْمُ
عُبِدَتْ .
قال في الفتح : "وتَنَسَّخ
العلْم" كذا لهم ، ولأبي ذر والكشميهني:
"ونُسِخ العلْم" أي عِلْم تلك الصور بخصوصها.
وأخرج الفاكهي من طريق عبيد الله بن عبيد بن
عمير قال: أول ما حدثَتْ الأصنام على عهد نوح
، وكانتْ الأبناء تَبَرُّ الآباء ، فمات رجلٌ
منهم فجزع عليه ، فجعل لا يصبر عنه؛ فاتخذ
مثالا على صورته ، فكلما اشتاق إليه نظرَهُ ثم
ماتَ ففُعِل به كما فَعَل حتى تتابعوا على ذلك
، فمات الآباء ، فقال الأبناء: ما اتّخَذَ
آباؤنا هذه إلا أنها كانت آلهتهم . اهـ
.
و في المتفق عليه :
عَنْ عَائِشَةَ
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ
ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا
بِالْحَبَشَةِ - فِيهَا تَصَاوِيرُ -
لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ
أُولَئِكِ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ
مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ
، أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
ثانيًا : ترْك احتفالات التأبين ,
فهذه الاحتفالات لا تجوز .. قال الإمام أحمد
:حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ عَنْ
إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ كُنَّا
نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ
الْمَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ
دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ .
و إذا كان شرُّ صفوف النساء أوّلَها في
الصلاة ، كما في الحديث الذي رواه مسلم و
النسائي و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه ،
فكيف عندما تَتَوازى صفوف النساء مع الرجال في
مثل هذه الاحتفالات ، و كذلك عندما توجد
الموسيقى ؟!
ثالثًا : مَنْع إعطاء لقب شهيد لكل من
يُقتَل ، دون الاحتراز الشرعي ..
قال البخاري :
باب لاَ يَقُولُ فُلاَنٌ شَهِيدٌ :
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُ
أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي
سَبِيلِهِ).
الحديث مَرْويٌّ في البخاري بسنده من قبل .
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي
حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ
فَاقْتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى عَسْكَرِهِ ، وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى
عَسْكَرِهِمْ ، و َفِي أَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ
فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا
بِسَيْفِهِ ، فَقَالَوا : مَا أَجْزَأَ مِنَّا
الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ ،
فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَمَا
إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ) .
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَنَا
صَاحِبُهُ ، قَالَ : فَخَرَجَ مَعَهُ ،
كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا
أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ ، قَالَ فَجُرِحَ
الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ
الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ
بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ،
ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى
سَيْفِهِ فَقَتَلَ
نَفْسَهُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ،
قَالَ: (وَ مَا ذَاكَ؟) قَالَ : الرَّجُلُ
الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ
النَّارِ ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ ،
فَقُلْتُ : أَنَا لَكُمْ بِهِ ، فَخَرَجْتُ
فِي طَلَبِهِ ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا
فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ
سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ
ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ
فَقَتَلَ نَفْسَهُ .
فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عِنْدَ ذَلِكَ : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ
عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو
لِلنَّاسِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَ
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ
النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ و َهُوَ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) .
قال في الفتح :
قوله: "باب لا يقال فلان شهيد" أي على سبيل
القطْع بذلك إلا إن كان بالوحي ، وكأنه أشار
إلى حديث عمر أنه خطَب فقال: "تقولون في
مغازيكم فلانٌ شهيد ، و مات فلانٌ شهيدًا، و
لعله قد يكون قد أوْقَر راحلته ، ألا لا
تقولوا ذلكم ، و لكن قولوا كما قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله أو
قتل فهو شهيد" وهو حديث حسن ، أخرجه أحمد و
سعيد بن منصور و غيرهما من طريق محمد بن سيرين
عن أبي العَجْفاء بفتح المهملة وسكون الجيم ثم
فاء عن عمر.
و له شاهد في حديث مرفوع أخرجه أبو نعيم
من طريق عبد الله بن الصلت عن أبي ذر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم: (من تعدُّون
الشهيد؟) قالوا: من أصابه السلاح ، قال: (كم
مَن أصابه السلاح و ليس بشهيد و لا حميد ، و
كم من مات على فراشه حتْف أنفه عند الله
صِدِّيق وشهيد) و في إسناده نظر، فإنه من
رواية عبد الله بن خُبَيق بالمعجمة والموحدة
والقاف مُصَغَّر عن يوسف بن أسباط الزاهد
المشهور، و على هذا فالمراد النهي عن تعيين
وصف واحد بعينه بأنه شهيد ، بل يجوز أن يقال
ذلك على طريق الإجمال.
قوله: قال أبو هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم : (الله أعلم بمن يُجاهِد في سبيله
والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله) أى يجرح ، و
هذا طرفٌ من حديث تقدَّم في أوائل الجهاد من
طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ
الأول ، و من طريق الأعرج عنه باللفظ الثاني ،
و وجه أخْذ الترجمة منه يظهر من حديث أبي موسى
الماضي : (من قاتَل لتكون كلمة الله هي العليا
فهو في سبيل الله) ، و لا يُطَّلَع على ذلك
إلا بالوحي ، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطى
حكم الشهادة ، فقوله: (و الله أعلم بمن
يُكْلَم في سبيله) ، أي فلا يعلم ذلك إلا من
أعلمه الله ، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في
الجهاد أنه في سبيل الله .
حديث سهل بن سعد في قصة الذي بالغ في
القتال حتى قال المسلمون: ما أجزأَ أحدٌ ما
أجزأ، ثم كان آخر أمره أنْ قتَل نفسه، وسيأتي
شرحه مستوفى في المغازي حيث ذكره المصنف، و
وجْه أخذ الترجمة منه أنهم شهدوا رجحانه في
أمر الجهاد ، فلو كان قُتِل لم يمتنع أن
يشهدوا له بالشهادة ، و قد ظهر منه أنه لم
يقاتِل لله وإنما قاتل غضبًا لقومه ، فلا
يُطلَق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد
لاحتمال أن يكون مثل هذا ، و إن كان مع ذلك
يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة ، و لذلك
أطْبَق السلف على تسمية المقتولين في بدر و
أحد وغيرهما شهداء، و المراد بذلك الحكم
الظاهر المبني على الظن الغالب و الله أعلم .
اهـ . |