لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/hbs.mp3
قال تعالى : (يا
أيها الذين آمنوا اصبِروا وصابروا ورابِطوا
واتقوا الله لعلكم تفلحون) آل عمران .
جاء في الدر المنثور للسيوطي :
أخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق
وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : (ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا
ويرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره
وكثرة الخُطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد
الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم
الرباط) .
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وابن أبي
الدنيا وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الإيمان عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو
عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من
الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر : أما بعد
فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من شدة يجعل الله
بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين وإن الله
يقول في كتابه: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا
وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) آل
عمران .
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي
في الشعب عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : (رباط يوم في سبيل الله
خير من الدنيا وما عليها) .
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي
والطبراني والبيهقي عن سلمان : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم : يقول: (رِبَاطُ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ
وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ
عَمَلُهُ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِىَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ) زاد
الطبراني : (وبُعث يوم القيامة شهيدا)
.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه
وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
فضالة بن عبيد : سمعت النبي صلى الله عليه و
سلم يقول: (كل ميت يُختم على عمله إلا الذي
مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله
إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر) .
وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي الدرداء
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال (رباط
شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل
الله أمنه من الفزع الأكبر وغُدِيَ عليه برزقه
ورِيْحَ من الجنة ، ويجري عليه أجر المرابط
حتى يبعثه الله عز و جل) .
وأخرج الطبراني بسند جيد عن العرباض بن
سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : (كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا
المرابط في سبيل الله فإنه ينمي له عمله ويجري
عليه رزقه إلى يوم القيامة) .
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي الدرداء
يرفع الحديث قال : (من رابط في شيء من سواحل
المسلمين ثلاثة أيام أجزأتْ عنه رباط سنة) .
وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (من
مات مرابطا في سبيل الله أُجْرِيَ عليه أجر
عمله الصالح الذي كان يعمل ، و أُجْرِيَ عليه
رزقه ، وأمِن من الفتّان ، وبعثه الله يوم
القيامة آمِنًا من الفزع) .. وأخرج الطبراني
في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا مثله .
جاء في تفسير الشوكاني (بتصرّف) :
ختم بهذه الآية السورة لِمَا اشتملت
عليه من الوصايا التي جمعت خير الدنيا والآخرة
فحض على الصبر على الطاعات والشهوات ، والصبر
: الحبس وقد تقدم تحقيق معناه والمصابرة
مصابرة الأعداء قاله الجمهور و معنى صابروا أي
غالِبوهم في الصبر على الشدائد كالحرب ، وخص
المصابرة بالذكر بعد أن ذكر الصبر لكونها أشد
منه وأشق ،وقيل : المعنى صابروا على الصلوات
، وقيل : صابروا الأنفس عن شهواتها وقيل :
صابروا الوعد الذي وُعِدتم ولا تيأسوا ،
والقول الأول هو المعنى العربي ومنه قول عنترة
:
فلم أر حيًّا صابَروا مثل صبْرنا ... ولا
كافحوا مثل الذين نكافح
أي : صابروا العدو في الحرب ، قوله
(ورابطوا) أي : أقيموا في الثغور رابطين خيلكم
فيها كما يربطها أعداؤكم وهذا قول جمهور
المفسرين ، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : هذه
الآية في انتظار الصلاة بعد الصلاة ، ولم يكن
في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم غزوٌ
يرابَط فيه ، وسيأتي ذِكْر من خرَّج عنه هذا ،
والرباط اللغوي هو الأول ولا ينافيه تسميته
صلى الله عليه و سلم لغيره رباطا كما سيأتي ،
ويمكن إطلاق الرباط على المعنى الأول وعلى
انتظار الصلاة ، قال الخليل : الرباط ملازمة
الثغور ومواظبة الصلاة هكذا قال وهو من أئمة
اللغة ، وحكى ابن فارس عن الشيباني أنه قال :
يقال : ماء مترابط دائم لا يبرح ، وهو يقتضي
تعدية الرباط إلى غير ارتباط الخيل في الثغور
، قوله (واتقوا الله) فلا تخالفوا ما شرعه لكم
(لعلكم تفلحون) أي : تكونون من جملة الفائزين
بكل مطلوب وهم المفلحون .
وأخرج ابن مردويه عنه أي عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : أما إنه لم
يكن في زمن النبي صلى الله عليه و سلم غزوٌ
يرابطون فيه ، ولكنها نزلت في قوم يعمُرون
المساجد يصلون الصلوات في مواقيتها ثم يذكرون
الله فيها ، وقد ثبت في الصحيح وغيره من قول
النبي صلى الله عليه و سلم : (ألا أخبركم بما
يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات :
إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخُطا إلى
المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم
الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : اصبروا على
دينكم ، وصابروا الوعد الذي وعدتُكم ، ورابطوا
عدوي وعدوكم . وقد رُوي من تفاسير السلف غير
هذا في الصبر على نوع من أنواع الطاعات
والمصابرة على نوع آخر ، ولا تقوم بذلك حجة ،
فالواجب الرجوع إلى المدلول اللغوي وقد قدمناه
، وقد وردتْ أحاديث كثيرة في فضل الرباط
وفيها التصريح بأنه الرباط في سبيل الله ، وهو
يرُدُّ ما قاله أبو سلمة بن عبد الرحمن فإن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ندب إلى
الرباط في سبيل الله وهو الجهاد ، فيحمل ما في
الآية عليه ، وقد ورد عنه صلى الله عليه و سلم
أنه سمّى حراسة جيش المسلمين رباطا ، فأخرج
الطبراني في الأوسط بسند جيد عن أنس قال : سئل
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أجر المرابط
فقال:(من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين
كان له أجر مَن خلْفه ممن صام وصلى) .
ما ذكره الشوكاني في تفسيره عن الاعتكاف و هو
شبيهٌ بالرباط :
الاعتكاف في اللغة : الملازمة يقال عكف
على الشيء : إذا لازمه ومنه قول الشاعر :
وظل بناتُ الليل حولي عُكَّفًا ... عكوفَ
البواكي حولهن صريعُ
ولما كان المعتكف يلازم المسجد قيل له :
عاكف في المسجد ومعتكِف فيه لأنه يحبس نفسه
لهذه العبادة في المسجد ، والاعتكاف في الشرع
: ملازمة طاعة مخصوصة على شرط مخصوص وقد وقع
الإجماع على أنه ليس بواجب ، وعلى أنه لا يكون
إلا في مسجد ، وللاعتكاف أحكام مستوفاة في كتب
الفقه وشروح الحديث
.
بعض ما ذكَره الألباني في (الإرواء) عن
الاعتكاف (بتصرّف) :
حديث عائشة :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف
العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم
اعتكف أزواجه من بعده ) متفق عليه ) . صحيح .
أخرجه البخاري ومسلم وكذا أبو داود والبيهقي
وأحمد من طرق عن الليث عن عقيل عن الزهري عن
عروة عنها . وزاد البيهقي : ( والسُّنة في
المعتكف ألّا يخرج إلا للحاجة التي لابد منها
، ولا يعود مريضا ، ولا يمسّ امرأة ولا
يباشرها ، ولا اعتكاف الا في مسجد جماعة ،
والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ) . قلت : وإسناده
صحيح .
وأخرج أبو داود هذه الزيادة مفصولة عن
الحديث من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري
به . قلت : وهذا إسناد جيد وهو على شرط مسلم .
ثم رأيت الدارقطني أخرجها مع الحديث من طريق
ابن جريج : أخبرني الزهري عن الاعتكاف وكيف
سنته عن سعيد ... وعروة بن الزبير عن عائشة به
. وأعلّ الزيادة بقوله : ( يقال : إن قوله :
وإن السنة للمعتكف . . إلى آخره ليس من قول
النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من كلام الزهري
، ومن أدرجه في الحديث فقد وهِم والله أعلم ،
وهشام بن سليمان لم يذكره . قلت : كذا قال :
( ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم) ،
ولعله سبْق قلم ، فان هذا النفي لا حاجة إليه
لان أحدا من الرواة لم يذكر أنه من قوله صلى
الله عليه وسلم ، لأن الحديث من أصله ليس من
قوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من قول
عائشة تحكي فعله صلى الله عليه وسلم ، فالظاهر
أنه أراد أن يقول : ( ليس من قول عائشة )
فوهِم ، وقال أبو داود : ( غير عبد الرحمن لا
يقول فيه : قالت : السنة ... قال أبو داود :
جعلَه قول عائشة ) . قلت : رواية ابن جريج
وعقيل عند البيهقي في معنى رواية عبد الرحمن
كما لا يخفى ، ولذلك ادعى الدارقطني أنه من
كلام الزهري واتفاق هؤلاء الثقات الثلاثة على
جعله من الحديث يردُّ دعوى الإدراج . والله
أعلم .
حديث عائشة :
( وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان ) .
متفق عليه ، صحيح .
قول عائشة : ( إن كنت لأدخل البيت للحاجة
والمريض فيه فلا أسأل عنه إلا وأنا مارَّة ) .
متفق عليه ، صحيح . ولم أرَهُ عند البخاري ،
ورواه مسلم وابن ماجه بإسناد واحد عن ابن شهاب
عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عنها
. ثم رأيت البيهقي قد أخرجه أيضا ، ونص أن
البخاري لم يروه بهذا اللفظ ويعني أنه إنما
رواه باللفظ الذي قبله
. |