الأُخُوَّة مانعٌ لِعودة إنتاج الفساد

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 21 ربيع الآخر 1435هـ الموافق 21 فبراير 2014م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/mane.mp3

   عن سَالِم عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) متفق عليه .

    جاء في الفتح :

   (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) هَذِهِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ ، وَيَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْبَالِغُ وَالْمُمَيِّزُ ، (لَا يَظْلِمُهُ) خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَإِنَّ ظُلْمَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ حَرَامٌ ، (وَلَا يُسْلِمُهُ) أَيْ لَا يَتْرُكُهُ مَعَ مَنْ يُؤْذِيهِ وَلَا مَا يُؤْذِيهِ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا ، (وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً) ، أَيْ غُمَّةً وَالْكَرْبُ هُوَ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ النَّفْسَ وَكُرُبَاتٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُ رَاءِ كُرُبَاتٍ وَسُكُونُهَا.   

    (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أَيْ رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ ، مع الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ إِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَهِ ، ثُمَّ جَاهَرَ ، كَمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَسْتَتِرَ ، فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى الْحَاكِمِ وَأَقَرَّ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ .   

    وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّتْرَ فِي مَعْصِيَةٍ قَدِ انْقَضَتْ ، وَالْإِنْكَارَ فِي مَعْصِيَةٍ حَصَلَ التَّلَبُّسُ بِهَا ، وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ وَلَيْسَ مِنَ الْغِيبَةِ بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ ، وَفِيهِ تَرْك الْغِيبَةِ لِأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ لَمْ يَسْتُرْهُ .    (سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) .

     وَفِي الْحَدِيثِ التَّعَاوُنِ وَ التَّعَاشُرِ وَالْأُلْفَةِ ، وَأَنَّ الْمُجَازَاةَ تَقَعُ مِنْ جِنْسِ الطَّاعَاتِ.اهـ . بتصرُّف.

    يستفاد من الحديث :

   1- أُخُوَّة الإسلام تتجاوز الحدود والتأشيرات والحزبيَّات و الولاءات الضيِّقة بأنواعها ، قال تعالى: (إنَّمَا المؤمنونَ إخْوَة) الحُجُرات ، وهي واجبة بل من أساس العقيدة ، قال تعالى: (والمؤمنونَ و المؤمنات بعضهم أولياءُ بعض) التوبة ، و الحاجة إلى الأُخُوَّة في زمان الفتن أعظم ، في طول العالم الإسلامي وعرْضه ، والمعيار فيها أنَّ المسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، أوْ يُؤْثِرُه .

   2- قضاء حاجات المسلمين جزءٌ من الولاء ، فكيف إذا كان الشخص مسؤولًا وصاحب ولاية؟ إن الواجب يتضاعف ، لأن كلّ راعٍ مسؤول عن رعيته كما في المتفق عليه .. وكذلك تفريج الكربات ، و كذلك الستر .. بمعنى أن لأخيك حقوقًا عليك حتى عندما يَضعُف ويُسِيء، فلا بدّ أن تأخذ بيده وتَكُفَّه ، و تُقِيْلَهُ من عَثْرته ، إلا إذا استعْصَى عليك و تحوَّل إلى فاسق .

     3- يقوم المسلم بواجب الأُخُوَّة ذاتِيًّا ، ولا يحتاج إلى دفْعٍ كالسيارة التي بلا وقود ، لأن مشاعر الأُخُوَّة الدائمة وقودٌ دائمٌ فعَّال ، ينتج عنه تقديم الأخ والإيثار .

    والأُخُوَّة هي الحلُّ اليوم لأنها بنيانٌ مرصوص في مواجهة المؤامرات الدولية والإقليمية الكبيرة التي لا ترحم ، والتي تُوظِّف أساطين الفساد الذين يقتلون الناس ويُخْفُونَهم ويُهَجِّرونهم ،و يهلكون الحرث والنسل كما في سورية و مصر والعراق وليبية واليمن ، ثم تكافئهم المؤمرات باستثمار هذا الفساد المُمَنْهَج فيُعيدونهم في صورة دولة تزعُم  تبَنِّي الإصلاح وإسقاط الفساد ، (إعادة إنتاج الفساد بشعار الإصلاح) كما قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) البقرة .

     وكما قال الشاعر : بَرَزَ الثعلب يومًا في ثياب الواعظينا

    وفي الختام يقول سبحانه : (... وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) آل عمران .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©