مُقَدَّساتُنا و حُرُمَاتُنا خَطٌّ أَحْمَر

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 5 من ذي القعدة 1433هـ الموافق 20 سبتمبر 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/mkdds.mp3

      تداعيات الإساءة إلى نبينا .. في بلدنا و في العالم الإسلامي :

      كثر الكلام حول الفيلم الذي يؤذي النبيّ صلى الله عليه و سلم و يؤذي المؤمنين ، وكثرت الفعّاليّات وقُتِل و جُرح أعدادٌ من المسلمين في كثير من الدُّوَل ، و حصل إنزالٌ لقوّات أجنبيّة في بعض الدّوَل ، و بعضها اقتربت القِطَع البحرية الأجنبية من سواحلها ، و حلَّقت الطائرات بدون طيّار فوقها . و في بلدنا حدث كلّ ذلك ، و بعض الدُّول رفضتْ القوّات الأجنبية .

     و زاد الطّين بِلّة أن صحيفة فرنسية أمْعَنَتْ في تَحَدِّي مشاعر المسلمين و استفزازها فنشرتْ في هذه الظروف والمُسلمون مُسْتَفَزُّون أصلاً صُوَرًا مؤذيةً للرسول صلى الله عليه و سلم . و لا زال كثيرٌ من الغربيين يشْمَتون في أن عندهم حرّيّة الرأي ، رغم تعسُّفهم في جعْل محْرقة اليهود عقيدة يُعاقِبون من لم يعتقدها ، و كذلك من لا يجارِيهم في المبالَغات فيما يُسَمُّونه بالإرهاب ، فحماس إرهابيّة ، و مَن يعتقد عقيدة الولاء والبراء ينشُر الكراهية ، و الجهاد إرهاب .. إلخ .

     و قُبِض في أمريكا منذ مدّة على موسى أبي مرزوق الذي كان رئيسًا للمكتب السياسي لحماس ، ولكنه أُطْلِق سراحَه بالمتابعة الجادّة من حماس ، و سُجِن  المؤيّد ورفيقه ، بتحيُّلٍ و تعسُّف في ألمانيا و في أمريكا و طالت المدّة لعدم الجدّية في المتابعة .

     و هكذا أصبح المسلمون بسبب المعاصي مغبُونين ، و الإساءات مُتَكَرِّرة منذ سنوات ، و لا ردْع و لا سلامة و لا احترام ، و يضَع الغرْب اعتبارًا لثلاثة عشر مليونا من اليهود في العالم ، فيُجَرِّمون من ينكر محرقتهم التي جعلوها عقيدة ! و لا يضعون اعتبارًا لمليارٍ و نصف من المسلمين فيسيئون إلى عقيدتهم بحجة حرية الرأي ..!  إنا لِلّه و إنّا إليه راجعون .. اللهم أْجُرْنا في مصِيبتِنا و اخْلُف لنا خيرًا منها .

     عداوة الكافرين و تداعيهم على المسلمين :

     و صدَق الله : (إن الكافرين كانوا لكم عدُوًّا مُبِينًا) النساء . و قال تعالى : (قد بَدَت البغضاءُ من أفواهِهم و ما تُخْفِي صُدُورُهم أكبر) آل عمران .

     و صدَق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا) . فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ) . فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : (حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) . رواه أحمد وأبو داود وقال الألباني صحيح ، و قال قال الأرناؤوط حسن .

     البراءة الأوّليّة ربماحصلتْ لذِمَّة بعض العلماء و الخطباء و العامة  :

     براءة الذِّمَّة ربما حصلتْ في بعض الخُطَب الفردية للعلماء العاملين و الدّعاة الملتزمين ، و في تفاعل العامّة المُتَدَيِّنين .

    أما الدُّوَل فليس لها موقف يُذْكَر ما عدا مصر .. و هنالك من يقول إنّ الدّوَل في حال ضعْف ، والأمر ليس كذلك ، فالدّوَل ليس مطلوبًا منها إعلان الحرب في هذه الظروف ، لأن بيدها خيارات قويّة مثل : قطْع النفط ، و قطْع العلاقات التجارية ، و قطْع العلاقات الدبلوماسية . و تصوّروا لو أنّ رَمْزاً من رموز الأنظمة كرئيس الدولة مثلاً أُسِيءَ إليه .. إنّ أيّ نظام يحصل له ذلك ربّما لن يقلَّ ردُّ الفعْل لديه عن قطع العلاقات ، أفليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أغلى لدينا من كل رمْزٍ و من كلّ رئيسٍ و من كل نظام؟ بل و أغلى لدينا من أموالنا و أهلينا وأنفسنا والناس أجمعين ؟

لايَحلُمون َبتاتًا إنْ أُسِيءَ لهم      ***     وإنْ أُسِيءَ إلى خيرِ الورَى حَلُمُوا !

     عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) متفق عليه .

     و عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ - وَفِى حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ الرَّجُلُ - حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) . رواه مسلم .

     و عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَر :ُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي .. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : فَإِنَّهُ الْآنَ ، وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الْآنَ يَا عُمَر) رواه البخاري.

   و المقاطعة الحازمة هي الموقف الشرعي في مواجهة الإساءة ؟ :

الدُّول في بلاد المسلمين بيدها خيارات قويّة منها كما ذكرنا : قطْع النفط ، و قطْع العلاقات التجارية ، و قطْع العلاقات الدبلوماسية

    و البديل في التجارة الشراء من الدّوَل الإسلامية .. فهنالك دولٌ صناعية مثل تركيا و ماليزيا و إندونيسيا و مصر و الباكستان وغيرها ، و هي أيضًا دولٌ زراعية ، بالإضافة إلى دُوَلٍ زراعية أخرى كالسودان و المغرب العربي و بلاد الشام و غيرها .

     و هنالك دولٌ أجنبية يمكن التعامل معها في المنتجات الصناعية و الزراعية كالبرازيل والإرجنتين وجنوب أفريقيا و سيرلانكا و غيرها ، و هي دُوَلٌ مسالِمةٌ للمسلمين قال تعالى :    ( لا ينهاكم اللهُ عن الذين لم يُقاتلوكم في الدِّين و لم يخرجوكم من دياركم ...) الممتحنة .

    عدم براءة ذمّة الحكّام و القُوَى الضاغطة و كذلك تكتُّلات العلماء لعدم صدور فتْوى شرعية صريحة بالضغط من أجل تسليم المُسِيئين :

    أين دور القوَى الضاغطة كالاتحادات والنقابات وشيوخ القبائل و سائر التكتلات لتضغط على الحكام حتى يستخدموا سلاح المقاطعة في بعض ما ذكرناه على الأقل ؟ و مِن هذه القوَى العلماء .. لماذا لا يُصدِرون الفتوى الضاغطة فُرَادَى و مجتمعين على الحكام و على القُوَى التي يمكن أن تضغط على الحكام .. الفتوى بالمقاطعة الحازمة حتى يتمّ تسليم المسيئين و محاكمتهم وَفْق الشرْع ، و حتى يتمّ انسحاب القوات الأجنبية ؟  

ياأُمَّةَ الخاتَمِ المبعوثِ شَمْسَ هُدًى    ***      ماذا دهاكِ وأنتِ الأُمَّـةُ الشَّمَــمُ؟

أصْبَحْتِ مِثْلَ غُثَاءِ السَّيْلِ مِن وَهَنٍ     ***       حِينَ استبَدَّ بكِ الغِـرْبانُ والرَّخَـمُ

هلَّا قَطعْتِ وَرِيْدَ القومِ مِن زَمَنٍ    ***         فالمالُ والنفطُ روحُ القومِ والنَّسَمُ

والجَزْمُ بالقطْعِ للحُكَّامِ لوْ صَدَقُوا      ***      ولمْ يَكُ الخَصْمُ في وَقْتٍ هو الحَكَمُ

لم يَسْكُتِ الغَرْبُ في إِنْكارِ (مَحْرَقَةٍ )     ***        ويَسْكُتُ الغرْبُ لَمَّا تُهْتَكُ الحُرَمُ!

لَوْ أَيْقَنُوا الحَزْمَ مِنَّا في تَعامُلِنا     ***        أَوْ عايَنُوا الحَسْمَ ما اسْتَعْلَى لهم علَمُ

     ولولم يتحقّق تسليم المُسِيئين ، فإن الفتوى بضرورة الضغط في اتجاه تسليمهم رادعٌ للمُسِيئين مع دُوَلهم و لو جُزْئيًّا:

     و حتى لو لم يتحقّق ذلك كله أو لم يتحقّق بعضه ، يكون قد حصَل الإعذار و شيءٌ من الرّدْع على الأقل ، و الله حافظٌ دينَه كافٍ نبيّه إلا أنه يبتلينا لاستخراج مواقفنا .. قال تعالى: (و لو يشاءُ الله لانتصرَ منهم و لكن ليبْلُوَ بعضَكم بِبَعض) محمد .

    و قد ينفع هذا الضغط ليجعل دوَل الغرْب من باب الحفاظ على مصالحها في بلاد المسلمين  تعمل على وضْع قوانين لفرْض احترام عقيدة المسلمين و هم مليار ونصف ، ويجعلها تُرجِّح أنّ ذلك أوْلَى من مراعاتها لليهود في وضع قوانين لِمعاقبة من يعادي الساميّة بزعْمهم ، ومَن يُنكِر محْرقة الهولوكست ، و في تجْريم كل مَن لا يتفق مع هذه الدُّوَل في تعريفها لِما يُسمَّى الإرهاب .. قال تعالى : (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)  الأعراف.

    بعض مخالفات النساء في الأعراس :

   وبقيتْ قضيّةٌ لا بدّ من إبراء الذِّمّة فيها و هي صُوَر النساء في الأعراس التي توضَع في محلاتٍ للتصوير فيها رجال ، بحجة أنه يوجد فيها كادَرٌ نسائي لِتحميض الصُّوَر ، وثبَت أن في هذه المحلات مُخادعين ، فهل يجوز للناس الاستمرار في كشْف صُوَر نسائهم للأجانب ، و تعريضها للبقاء في كمبيوتراتهم  و أراشيفهم ؟ أين الغَيْرة و أين الحميّة ؟ و أين الدّين ؟ و كذلك ذهاب النساء إلى محلات الكوافير غير المأمونة ؟ و كذلك ذهابهن إلى القاعات حيث المخالفات في خلْع اللباس و في أنواع الموسيقى والرقْص الأجنبي؟

     ألم يمنع الرسول عليه الصلاة والسلام النساء من دخول الحمّامات ، و من خلْع الثياب في غير بيوتهن ، من باب سدّ الذريعة لأجل صيانة النساء و ستْرهن؟

     عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي فَلَا يَدْخُل الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ ، وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي فَلَا تَدْخُل الْحَمَّامَ) . رواه أحمد و قال الأرناؤوط : حسن لغيره .

     عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ خَرَجْتُ مِنْ الْحَمَّامِ فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ ؟) قَالَتْ : مِنْ الْحَمَّامِ ، فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا إِلَّا وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ) رواه أحمد و قال الأرناؤوط : حديثٌ حسن

  عن يُحَنَّسٍ أَبي مُوسَى أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهَا يَوْمًا فَقَالَ: (مِنْ أَيْنَ جِئْتِ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ؟) فَقَالَتْ : مِنْ الْحَمَّامِ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا إِلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سِتْرٍ) . رواه أحمد و قال الأرناؤوط : إسناده حسن .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©