أين النصحُ لِلرعيَّة ؟!

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 24 رجب  1435هـ الموافق 23 مايو 2014 م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/nsh.mp3

     الحديث الأول : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ) ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ) رواه البخاري .

      جاء في الفتح :

      عَلَى بِمَعْنى الْبَاء وَهِي للسَّبَبِيَّة أَو الْمُعَاوضَة وَقِيلَ إِنَّهَا هُنَا لِلظَّرْفِيَّةِ كَمَا سَنُبَيِّنُ .

      عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ . (إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ (إِلَّا رَاعَى الْغَنَمَ) ، (عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّة) .

     فِي رِوَايَة ابن مَاجَهْ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى (كُنْتُ أَرْعَاهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْقَرَارِيطِ).   

     وَكَذَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْمَنِيعِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى قَالَ سُوَيْدٌ أَحَدُ رُوَاتِهِ يَعْنِي كُلَّ شَاةٍ بِقِيرَاطٍ يَعْنِي الْقِيرَاطَ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : قَرَارِيطُ اسْمُ مَوْضِعٍ بِمَكَّةَ ، وَلَمْ يُرِدِ الْقَرَارِيطَ مِنَ الْفِضَّةِ ، وَصَوَّبَهُ ابن الْجَوْزِيِّ تَبَعًا لِابْنِ نَاصِرٍ وَخَطَّأَ سُوَيْدًا فِي تَفْسِيرِهِ ، لَكِنْ رُجِّحَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا يَعْرِفُونَ بِهَا مَكَانًا يُقَالُ لَهُ قَرَارِيطُ .

     وَأَمَّا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ حَزْنٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا نُونٌ قَالَ افْتَخَرَ أَهْلُ الْإِبِلِ وَأَهْلُ الْغَنَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (بُعِثَ مُوسَى وَهُوَ رَاعِي غَنَمٍ وَبُعِثَ دَاوُدُ وَهُوَ رَاعِي غَنَمٍ وَبُعِثْتُ وَأَنَا أَرْعَى غَنَمَ أَهْلِي بِجِيَادٍ) ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ رَدًّا لِتَأْوِيلِ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَرْعَى بِالْأُجْرَةِ لِأَهْلِهِ ، فَيَتَعَيَّنُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَكَانَ فَعَبَّرَ تَارَةً بِجِيَادٍ وَتَارَةً بِقَرَارِيطَ ، وَلَيْسَ الرَّدُّ بِجَيِّدٍ إِذْ لَا مَانِعَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَنْ يَرْعَى لِأَهْلِهِ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَلِغَيْرِهِمْ بِأُجْرَةٍ ، أوالمراد بِقَوْلِهِ أَهْلِي أَهْلُ مَكَّةَ فَيَتَّحِدُ الْخَبَرَانِ ، وَيَكُونُ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ بَيَّنَ الْأُجْرَةَ وَفِي الْآخَرِ بَيَّنَ الْمَكَانَ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ الْقِيرَاطَ الَّذِي هُوَ مِنَ النَّقْدِ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي صحِيحِ مسلم (سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ) وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَالُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفْيِ الْمَعْرِفَةِ بِوَاضِحٍ .

    قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحِكْمَةُ فِي إِلْهَامِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ رَعْيِ الْغَنَمِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمُ التَّمَرُّنُ بِرَعْيِهَا عَلَى مَا يُكَلَّفُونَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ أُمَّتِهِمْ ، وَلِأَنَّ فِي مُخَالَطَتِهَا مَا يُحَصِّلُ لَهُمُ الْحِلْمَ وَالشَّفَقَةَ ، لِأَنَّهُمْ إِذَا صَبَرُوا عَلَى رَعْيِهَا وَجَمْعِهَا بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي الْمَرْعَى ، وَنَقْلِهَا مِنْ مَسْرَحٍ إِلَى مَسْرَحٍ ، وَدَفْعِ عَدُوِّهَا مِنْ سَبُعٍ وَغَيْرِهِ كَالسَّارِقِ ، وَعَلِمُوا اخْتِلَافَ طِبَاعَهَا وَشِدَّةَ تَفَرُّقِهَا مَعَ ضَعْفِهَا وَاحْتِيَاجِهَا إِلَى الْمُعَاهَدَةِ ، أَلِفُوا مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرَ عَلَى الْأُمَّةِ ، وَعَرَفُوا اخْتِلَافَ طِبَاعَهَا وَتَفَاوُتَ عُقُولِهَا ، فَجَبَرُوا كَسْرَهَا وَرَفَقُوا بِضَعِيفِهَا وَأَحْسَنُوا التَّعَاهُدَ لَهَا ، فَيَكُونُ تَحَمُّلُهُمْ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ أَسْهَلَ مِمَّا لَوْ كُلِّفُوا الْقِيَامَ بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، لِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ التَّدْرِيجِ عَلَى ذَلِكَ بِرَعْيِ الْغَنَمِ .

    وَخُصَّتِ الْغَنَمُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَضْعَفَ مِنْ غَيْرِهَا وَلِأَنَّ تَفَرُّقَهَا أَكْثَرُ مِنْ تَفَرُّقِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ، لِإِمْكَانِ ضَبْطِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ بِالرَّبْطِ دُونَهَا فِي الْعَادَةِ الْمَأْلُوفَةِ ، وَمَعَ أَكْثَرِيَّةِ تَفَرُّقِهَا فَهِيَ أَسْرَعُ انْقِيَادًا مِنْ غَيْرِهَا، وَفِي ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عُلِمَ كَوْنُهُ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ ، مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عَظِيمِ التَّوَاضُعِ لِرَبِّهِ ، وَالتَّصْرِيحِ بِمِنَّتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء . اهـ . بتصرف .

 

     الحديث الثاني : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، قَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)  رواه مسلم

    جاء في شرح مسلم :

   (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عند مسلم أيضًا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا : مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ، دَخَلَ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ)  .

     أَمَّا فِقْهُ الْحَدِيثِ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) فِيهِ التَّأْوِيلَانِ .. أحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ ، وَالثَّانِي حَرَّمَ عَلَيْهِ دُخُولَهَا مَعَ الْفَائِزِينَ السَّابِقِينَ ، وَمَعْنَى التَّحْرِيمِ هُنَا الْمَنْعُ .

    قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَعْنَاهُ التَّحْذِير مِنْ غِشِّ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ ووُجُوبُ النَّصِيحَةِ ، فَإِذَا خَانَ فَلَمْ يَنْصَحْ في حِمَايَةِ حَوْزَتِهِمْ وَمُجَاهَدَةِ عَدُوِّهِمْ و الْعَدْلِ فِيهِمْ فَقَدْ غَشَّهُمْ ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوبِقَةِ الْمُبْعِدَةِ عَنِ الْجَنَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَأَمَّا قَوْلُ مَعْقِلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: (لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ) ، فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَنْفَعْهُ الْوَعْظُ ، ثُمَّ خَافَ مِنْ كِتْمَانِ الْحَدِيثِ ، أوخَافَهُ لَوْ ذَكَّرَهُ فِي حَيَاتِهِ أن يُثْبِتَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ سُوءَ حَالِ (ابن زياد) هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، أو يحْتَملُ أَنَّهُ كَانَ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ .    

    وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يَسْقُطُ بِاحْتِمَالِ عَدَمِ قَبُولِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَالْإِسْنَادُ الأول كُلُّهُ بصريون وفروخ غير مصروف لكونه عجميا ، وأبو الْأَشْهَبِ هو جَعْفَرُ ابْنُ حَيَّانَ بِالْمُثَنَّاةِ الْعُطَارِدِيُّ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، هو ابْنُ أَبِيهِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ .

     وَ الإسناد الثاني فِيهِ أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ ، وغسان يصرف ولا يصرف ، وَالْمِسْمَعِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى مِسْمَعِ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَاسْمُ أَبِي غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، وَ أَبُو الْمَلِيحِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاسْمُهُ عَامِرٌ ، وَقِيلَ زَيْدُ بْنُ أُسَامَةَ الْهُذَلِيُّ الْبَصْرِيُّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . اهـ . بتصرّف .

    يؤخذ مِمَّا سبَق :

    1- وجوب الرفق بالرعية ، والاهتمام بالضعاف منهم بالذات ، والمبادرة إلى تفقُّدهم ، وليس الانتظار حتى يأتوا فكثيرًا ما لا يأتون ، قال صلى الله عليه وسلم : (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ) رواه البخاري ، وقال تعالى : (واخفضْ جناحَكَ لمن اتبعكَ من المؤمنين) الشعراء .   

    ولأهمية ذلك هيأَ الله أنبياءه برعْي أو مراعاة الغنم ، والغنم كثيرة التفرّق  ، كثيرة الأعداء ، ضعيفة تستثير مع صغارها الشفقة ، وهي من دوابِّ الجنة كما عند البيهقي وصححه الألباني ، وتُعلِّم راعيها التواضع و الرفق ، والاهتمام بها وبرعْيها ، وكيفية الجمْع ولمَّ الشمْل على وجه السرعة قبل المساء، ومراقبة الذئاب والسباع ودفْعهم .

     2- عدم القيام بما ذكرناه معناه الخيانة والتخلُّف عن دخول الجنة ، ولذلك لا بد أن يحاسِب من يتولّى أمور الناس - مهما قلَّ عددهم - نفسَه قبل الندم .. وبلدنا يشكو من قلة الأمن وانعدامه في بعض المناطق ، ومن تسلُّط المجموعات المسلحة على الناس  وقتلهم واضطهادهم وتشريدهم ، وهدْم المباني ، و العاصمة مهدّدة .

   والناس يقولون إن ذلك مخطّطٌ خارجي ، وأزمة المحروقات تتفاقم ، والناس يقولون إن ذلك أيضًا مخطّطٌ خارجي لرفْع أسعارها بدون معالجات ، والحكومة يُراد إسقاطها بسحْب الثقة في هذه الظروف ، وهنالك من يقول إن ذلك مخططٌ خارجي ، فربما لا تقوم حكومة بعدها ، وربما لا يجد الموظفون بعد ذلك المرتبات !! .

    وليست الحكومة هي الجانية لأنه لم يسمح لها بالهدوء و لا الاستقرار و لا المعالجة ، فالمتهمون خلف الكواليس .. تمامًا كما في ليبية وكما في مصر وغيرهما ، وذلك لتعميق الفوضى الخلَّاقة ، التي تخلُق الفُرَص المُريحة للخارج للتآمُر علينا بأيْدٍ محليّة .

    وهكذا يُسَلِّط الله علينا الظالمين والطغاة من الكبار بسبب ظلمنا لبعضنا ، ولا مخْرج لنا إلا بالتوبة .. قال تعالى : (وكذلك نُوَلِّي بعضَ الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون) الأنعام .  

     ومجلس الأمن يوم أمس يُغري النظام السوري (الراعي الذئب) بالاستمرار بجرائم الحرب بقبول المجلس - من باب تقاسم الأدوار - بالفيتو(الاعتراض) الروسي والصيني لِمنع إحالة جرائم هذا النظام إلى محكمة الجنايات الدولية ، وهكذا يَشْمَتُ بنا الأعداء في الداخل والخارج .

    3- الوعيد بحرْمان من لا يقومون بواجبهم من الرعاة من دخول الجنة في الآخرة .. وهو أمرٌ تنخلع له القلوب .. نسأل الله العافية .

    وفي الختام يقول سبحانه : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الشورى .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©