الشهْر الحرام و النُّصْرة

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 12 القعدة 1433هـ الموافق 28 سبتمبر 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/nsrh.mp3

   قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ، وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

      قال الشوكاني في تفسيره :

      (لا تُحِلُّوا شعائر الله) جمع شعيرة و شِعار وهو أحسن ، ومنه الإشعار للهدْي ، والمشاعِر المعالِم واحدها مَشعر وهي المواضع التي قد أُشعِرتْ بالعلامات ، قيل المراد بها هنا جميع مناسِك الحج : وقيل الصفا والمروة والهدْي والبُنيان ، والمعنى على هذين القولين : لا تُحِلُّوا هذه الأمور بأن يقع منكم الإخلال بشيء منها ، أو بأن تحُولوا بينها وبين من أراد فعلها .

     وقيل المراد بالشعائر هنا فرائض الله و منه (و من يعظم شعائر الله) الحج . وقيل هي حرُمات الله ، ولا مانع من حمْل ذلك على الجميع اعتبارا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولا بما يدل عليه السياق .

     (ولا الشهر الحرام) يدخل في ذلك جميع الأشهر الحرم: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب : أي لا تحلوها بالقتال فيها ، (ولا الهدْي) هو ما يُهْدَى إلى بيت الله من ناقة أو بقرة أو شاة ، نهاهم أن يُحِلُّوا الهدْي بأن يأخذوه أو يحُولوا بينه وبين المكان الذي يُهدَى إليه ، وعطَف الهدْي على الشعائر لمزيد خصوصيته (ولا القلائد) جمع قلادة وهي ما يُقلَّد به الهدْي من نعْل أو نحوه وإحلالها بأن تؤخذ غصبًا ، و هو تأكيدٌ للنهي عن إحلال الهدْي ، وقيل ما كان الناس يتقلَّدونه أمَنَةً لهم من أغصان الحرَم و نحوها لإظهار طَلَبِهم الأمان فهو على حذف مضاف : أي ولِأصحاب القلائد .

     (و لا آمِّين البيت الحرام) أي: لا تمنعوا مَن قصَد البيت الحرام لحج أو عمرة ، أو ليسكُن فيه، وقيل إن سبب نزول هذه الآية أن المشركين كانوا يحجُّون ويعتمرون ويُهدُون ، فأراد المسلمون أن يُغِيروا عليهم فنزل : (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) إلى آخر الآية ، فيكون ذلك منسوخا بقوله : (فاقتلوا المشركين حيثُ وجدتُمُوهم) التوبة . وقوله : (فلا يقرَبُوا المسجدَ الحرامَ بعد عامِهم هذا) التوبة .

     و قال قوم : الآية محكمة وهي في المسلمين . (يبتغون فضلًا من ربِّهم ورِضْوانا) جملة حالية من الضمير المستتر في (آمّين) قال جمهور المفسرين : يبتغون الفضل والأرباح في التجارة ، ويبتغون مع ذلك رضوان الله ، ويكون هذا الابتغاء للرضوان بحسب اعتقادهم وفي ظنهم عند من جعل الآية في المشركين .

     (و إذا حللْتم فاصطادوا) أباح لهم الصيد بعد أن حظَره عليهم لزوال السبب وهو الإحرام .

     (ولا يَجْرِمنَّكم شَنَآنُ قَومٍ) لا يحملنَّكم قاله الكسائي وثعلب وهو يتعدى إلى مفعولين ،

  وقال أبو عبيدة والفراء : لا يكسبنَّكم بُغْض قوم أن تعتدوا وتتجاوزوا الحقَّ إلى الباطل .

      والشَّنَآن : البُغض ،(أنْ صدُّوكم) بفتح الهمزة مفعول لأجله : أي لِأَن صدُّوكم ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير بكسر الهمزة على الشرطية ، والمعنى على قراءة الشرطية : لا يحملنَّكم بغضهم إن وقع منهم الصدُّ لكم عن المسجد الحرام على الاعتداء عليهم .

      و تَعاوَنُوا على البِرّ و التقوى)قال الماوردي : إن في البِرّ رِضا الناس  ،وفي التقوى رضا الله ، فمن جمَع بينهما فقد تمَّتْ سعادته  ، ثم نهاهم سبحانه عن التعاون على الإثم والعدوان فالإثم : كل فعلٍ أو قول يوجِب إثم فاعله أو قائله ، والعدوان الاعتداء على الآخرين .. ثم أمر عباده بالتقوى وتوعَّد من خالف ما أمَر به فتركََه أو خالف ما نهى عنه ففَعَله بقوله : (إن الله شديد العقاب) .

       و أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لا تُحِلُّوا شعائر الله) قال : كان المشركون يحجُّون البيت الحرام ويُهدُون الهدايا ويعظِّمون حرمة المشاعر وينحرون في حجهم فأراد المسلمون أن يُغيروا عليهم فقال الله : (لا تحلوا شعائر الله) ، وفي قوله : (ولا الشهر الحرام) يعني : لا تستحِلوا قتالا فيه (ولا آمِّين البيت الحرام) يعني : من توجَّه قِبَل البيت الحرام ، فكان المؤمنون والمشركون يحجُّون جميعا فنهى الله المؤمنين أن يمنعوا أحدا حجَّ البيت أو يتعرضوا له من مؤمن أو كافر ثم أنزل الله بعد ذلك : (إنما المشركون نجس فلا يَقرَبُوا المسجدَ الحرامَ بعدَ عامِهم هذا) التوبة .    

     وفي قوله : (يبتغون فضلا) يعني أنهم يُرْضون الله بحجِّهم ، (ولا يجرمنَّكم) يقول : لا يحملنَّكم ، (شَنَآنُ قومٍ) يقول : عداوة قوم ، (وتعاونوا على البر والتقوى) قال : البِرّ ما أُمِرْتَ به ، والتقوى ما نُهِيتَ عنه .

     وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : شعائر الله ما نهى الله عنه أن تصيبه وأنت مُحرِم  ، والهدْي ما لم يُقلَّد ، والقلائد مقلَّدات الهدْي ، (ولا آمين البيت الحرام) يقول : من توجّه حاجًّا  . وأخرج ابن جرير عنه في قوله : (لا تُحِلوا شعائر الله) قال : مناسِك الحج

     وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي عن النوّاس بن سمْعان قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن البِرّ والإثم ، فقال : (البِرّ حُسْن الخلق والإثم ما حاك في نفسِك وكرهتَ أن يطَّلِع عليه الناس) اهـ . بتصرُّف .

     قال السَّعْدي في تفسيره :

     يقول تعالى : (لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) أي: مُحرَّماته التي أمركم بتعظيمها ، والنهي يشمل النهي  عن فعل القبيح، وعن اعتقاده .. و من الحُرُمات مُحرَّمات الإحرام ، ومحرَّمات الحرَم . ويدخل في ذلك: (وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) أي: لا تنتهكوه بالقتال فيه و بأنواع الظلم ، كما قال تعالى: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) التوبة .

     و الجمهور من العلماء على أن منْع القتال في الأشهر الحرُم منسوخٌ بقوله تعالى: (فَإِذَا انسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) وغير ذلك من العمومات التي فيها الأمر بقتال الكفار مطلقا، والوعيد في التخلف عن قتالهم مطلقا.

     و بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتَل أهل الطائف في ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرُم.

      وقال آخرون: إن تحريم القتال في الأشهر الحرُم غير منسوخ لهذه الآية وغيرها، مما فيه النهي عن ذلك بخصوصه، وحمَلوا النصوص المطلقة الواردة على ذلك، وقالوا: المطلق يُحمَل على المقيَّد.

    و فصَّل بعضهم فقال: لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرُم، وأما مُوَاصَلَتُه وتكميلُه إذا كان بِدايَتُهُ في غيرها ، فإنه يجوز. وحملوا قِتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك، لأن أول قتالهم في وادي حُنين كان في شهْر شوال . وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود منه الدفْع ، فأما قتال دْفْع الكفار إذا ابتدأوا المسلمين بالقتال، فإنه يجوز للمسلمين القتال، دَفْعًا عن أنفسهم في الشهر الحرام وغيره بإجماع العلماء. (كما هو حاصلٌ هذه الأيام في قتال الأعداء المعتدين في بلاد الشام قال تعالى : ( الشَّهْرُ الحرامُ يالشَّهْرِ الحرامِ و الحُرُمَاتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عليكم فاعْتَدُوا عليهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى عليكم) .

    (وَلا الْهَدْيَ) أي: ولا تحلوا الهدْي الذي يُهْدَى إلى بيت الله في حج أو عمرة، أو غيرهما، من نَعَمٍ وغيرها، فلا تصدُّوه عن الوصول إلى محله، ولا تأخذوه بسرِقة أو غيرها، ولا تقصِّروا فيه، أو تُحمِّلوه ما لا يطيق، خوفا من تلَفِه قبل وصوله إلى محله، بل عظِّموه وعظِّموا من جاء به.

    (وَلا الْقَلائِدَ) هو الهدْي الذي يُفتَل له قلائد أو عُرى، في أعناقه إظهارا لشعائر الله، وحمْلا للناس على الاقتداء، وتعليما لهم للسنة، وليُعرَف أنه هدْي فيُحترم ، ولهذا كان تقليد الهدْي من  والشعائر المسنونة.

     (وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) أي: قاصدين له ،(يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا)أي: مَن قصَد هذا البيت الحرام، لابْتغاء فضْل الله بالتجارة والمكاسِب المباحة ، أو لابْتغاء رضوان الله بالحج والعمرة والطواف والصلاة، وغيرها من أنواع العبادات، فلا تتعرَّضوا له بسوء ، و يدخل في ذلك تأمين الطرُق المُوصِلة إلى بيت الله من القتْل و ما دونه، و من المكْس والضرائب والنهْب ونحو ذلك.

    وهذه الآية الكريمة مخَصَّصة بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) فالمشرِك لا يُمَكَّن من الدخول إلى الحرَم.

    والتخصيص يدل على أن من قصد الحرَم ليُلحِد فيه بالمعاصي، فإنه يُمْنَع ، كما قال تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) .

(وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) أي: إذا حلَلتم من الإحرام ،وخرجتم من الحرَم حلَّ لكم الاصطياد، والأمر بعد التحريم يردُّ الأشياء إلى ما كانت عليه من قبْل.

    (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا) أي: لا يحملنّكم بُغْض قوم وعداوتهم واعتداؤهم عليكم، حيث صدوكم عن المسجد، على الاعتداء عليهم، طلبا للاشتفاء ، لأنه لا يحل ذلك للمسلم ، فلا يَحِلُّ مثلا أن يكذب على من كذَب عليه، أو يخون من خانه ، و المَبْدَأُ عند المسلِم مُقَدَّمٌ على الذِّكْرَيات المَريرة أو الأمور الصغيرة .

     (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) البِر ُّ: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله وحقوق الآدميين.   والتقوى هنا: اسم جامع لترْك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.

     (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ) وهو التجرُّؤ على المعاصي التي يأثَم صاحبها . (وَالْعُدْوَانِ) التعدِّي على الخَلْق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كفُّ نفسه عنه، ثم إعانة غيره على ترْكه.

     (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) على من عصاه وتجرَّأ على محارمه، فاحذروا عقابه العاجل والآجل. اهـ . بتصرُّف .

     جاء في الظلال :

      وأقرب ما يتجه إليه الذهن في معنى (شعائر الله) في هذا المقام أنها شعائر الحج والعمرة وما تتضمنه من محرَّمات على المحرم للحج أو العمرة حتى ينتهي حجه بنحْر الهدْي الذي ساقه إلى البيت الحرام؛ فلا يستحِلها المُحرِم و لا غير المُحْرِم؛ لأن استحلالها فيه استهانة بحُكْم الله الذي شرَع هذه الشعائر . وقد نسبها السياق القرآني إلى الله تعظيماً لها ، وتحذيراً من استحلالها .

    والشهر الحرام يعني الأشهر الحرُم؛ كانت العرب قبل الإسلام تحرِّمُها و لكنها تتلاعب فيها وَفْق الأهواء؛ فيؤجلونها بفتوى بعض الكهان ، أو بعض زعماء القبائل ! فلما جاء الإسلام عادتْ حُرْمتها ، وتقرَّر أن النسيء زيادةٌ في الكفر . واستقام الأمر فيها على التحريم .. ما لم يقع الاعتداء فيها على المسلمين ، فإن لهم حينئذ ان يردُّوا الاعتداء؛ وألا يتْرُكوا المعتدين يحتَمون بالأشهر الحرُم و يتترَّسون خلْفها للنيل من المسلمين .

     و يشمل النهْي عدَم نحْر الهدْي لأي غرض آخر ؛ و قبل الموعِد المُحَدَّد .

     و القلائد : يحرُم إحلالها بعد تقليدها؛ فلا تُنحر إلا لما جُعلِتْ له ..  وكذلك قيل : إن القلائد هي ما كان يتقلَّد به من يريدون الأمان من ثأر أو عدوّ أو غيره؛ فيتخذون من شجَر الحرَم ما يتقلدون به . والأظهر أن القلائد هي الأنعام المقلَّدة للنذور لله؛ وقد جاء ذكْرها بعد ذكْر الهدْي للحج أو العمرة لعلاقة نذْرِها بالحرَم.

    كذلك التعرُّض لِلْآمّين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً حرام .. وهم الذين يقصِدون البيت الحرام للتجارة الحلال وطلب الرضوان من الله . . حجاجاً أو غير حجاج . . فقدأعطاهم الله الأمان بحُرُمة بيته الحرام .

     (و البلد الحرام هيأ الله فيه و فيما حوله الأرزاق و الأراضي و النفط فهو يمكن أن يستوعب عشرات الملايين إلى أكثر من مائة مليون ، وفي هذا الحماية المطلوبة للحرَمين لا سيما في هذا الزمان الذي لا تصمُد فيه إلّا الدُّوَل العملاقة أمام الأعداء الكبار و حلفائهم من الصليبيين والروافض والعلمانيين ، فلا يجوز قطْع الطُّرُق على تجميع المؤمنين بقيود التأشيرات و الإقامات والضرائب و غير ذلك من القطْع المُنَظَّم و غير المُنَظَّم فال تعالى : ( هو الذي أيَّدَكَ بِنَصْرِه و بالمُؤْمِنين ، و ألَّفَ بين قلوبهم...) الأنفال .      )

     ثم أحلّ الصيد متى انتهت فترة الإحرام ، و في غير البلَد الحرام (وإذا حللْتم فاصطادوا) ، وفي ذلك من الانضباط ما فيه ..

     ثم جعل تعاون الأمة المؤمنة في البر والتقوى؛ لا في الإثم والعدوان؛ وخوَّفها عقاب الله ، وأمرَها بتقواه .

     (و الإسلاميون اليوم يُمَكِّنهم الله في أكثر من بلد رغْم أنوف تحالفات الأعداء .. تمهيدًا لِعودة الخلافة إن شاء الله ، قال تعالى : (هو الذي أرْسَلَ رسُولَهُ بالهُدَى و دِينِ الحقِّ لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كلِّهِ و لَوْ كَرِهَ المُشْرِكونَ) الصّف .

    و لا بد أن يفتح الإسلاميّون قلوبهم و يفتحوا المجالات المختلفة أمام الكفاءات الصالحة ، و أن يخرجوا إلى سعَة الإسلام العالمية ، و أن ينسَوا الولاءات الضيِّقة و الشخصية و التَّشْكيليّة و العصبيّة و القومية ، لمواجهة العولَمَة و تحالُفاتها , و إلا استبْدَل اللهُ بهم سِواهم ..        

إذا هبَّتْ رياحُك فاغتَنِمْها     فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَةٍ سُكُونُ   )

     لقد استطاعت التربية الإسلامية ، بالمنهج الرباني ، أن تروِّض نفوس العرب على الانقياد لهذه الشعائر ، والاعتياد لهذا السلوك الكريم . . و قد كانت في جاهليتها أبعد ما تكون عن هذا المستوى وعن هذا الاتجاه . . لاسيّما مع المبدأ العربي المشهور : (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) .. و مع قول قائلهم :

و ما أنا إلّا مِن غُزَيَّةَ إنْ غَوَتْ       غَوَيتُ ، وإن ترْشَدْ غُزَيَّةُ أَرْشَدِ !

     جاء المنهج الرباني في التربية ليقول للذين آمنوا :

(ولا يجرمنّكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتَدوا ، وتعاونوا على البِرّ والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا الله ، إن الله شديد العقاب) . .

     و وُلد (الإنسان) من جديد في الجزيرة العربية مُتَحَرِّرًا من الجاهلية المتعصبة العمياء . اهـ . بتصرُّف .

     نُصْرةٌ للنبيّ في المَحْفل الدَّوْلي و محاولةٌ لِنُصْرة سورية ، و توَقُّعٌ من اليهودي كيسينجر بسقوط دولة اليهود خلال عشر سنوات :

     نُصْرتان في هذا الأسبوع من زعيمين من بلاد المسلمين :

     أحدهما نَصَر النبي صلى الله عليه و سلم  عند ما قال بعد الصلاة و السلام على النبي : ... نحبُّه و نتّبعه ونحترمُ من يحتَرِمه و نعادي من يسيءُ إليه بقولٍ أو عمل ، ثم ذكَر قول الله عنه : (و إنك لعلى خُلُقٍ عظيم) ن . و قول الله عنه : (و ما أرسلناك إلا رحمةً للعالَمين) الأنبياء . و هذه الكلمة لم يسْبِق لها مثيلٌ في الأمَم المتحدة منذ تأسيسها .

      و أما الزعيم الثاني فقد طالَب الدُّوَل العربية بالتدخُّل العسكري من العرب في سورية لإيقاف الحرب المُدَمِّرة .

      إن هاتين  النُّصْرتينِ هما واجب الساعة ، و لا يجوز لِمُسْلم أن يتجاهل شيئا منهما ، أو يَتَساهل أو يُناوِر .

      و أما التوقُّع السارُّ فقد كان كالتالي :

      جاء في موقع شباب المهجر (وكالات) : دبَّ الذُّعْر المشوب بالدهشة في الأوساط السياسية الصهيونية من التصريحات الأخيرة لمستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر والذي كان معروفا بدفاعه الدائم عن الكيان الصهيوني.. فقد قالت صحيفة نيويورك بوست في عددها الصادر الاثنين 24سبتمبر 2012م  : إن كيسنجر قال في تصريحاته الأخيرة إنه بعد عشر سنوات لن تكون هناك "إسرائيل" ، مما أثار غضب و استياء القادة في الكيان الصهيوني .

     وكانت مصادر صحفية أخرى قد شكَّكتْ بدقة هذه التصريحات ، إلا أن سيندي أدَمْز المحرِّرة في الصحيفة المذكورة أكدت أن مقالها الذي نشَر هذه التصريحات كان دقيقاً، وأن كيسنجر قال لها بنفسه هذه الجملة .اهـ .

     وهذا التوقُّع تسْنُدهُ :

     الدراسات الغربية و الروسية ، و يسْنُدُهُ الوعد النبويّ بالتجديد على رأس القرْن و من ذلك تجديد الخلافة ، و يسْنُدُهُ حساب الجمَّل (الإعجاز العَدَدي) لبعض النصوص القرآنية والنبويّة في علامات الساعة ، و يسْنُدُهُ ما يجري في الواقع من عودة الإسلاميين إلى الحكم في عدَدٍ من بلاد المسلمين.

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©