خطبة عتبة بن غزوان رضي الله عنه

خطبة جمعة في الإصلاح في20جماد الأول 1430هـ الموافق 14مايو2009م

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/otba.mp3

     * عن خالد بن عمير العدوي قال : خطبنا عتبة بن غزوان  فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد .. فإن الدنيا قد آذنت بصُرْم وولَّتْ حذَّاءَ ، ولم يبقَ منها إلا صُبابة كصُبابة الإناء يتصابُّها صاحبها ، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ، فإنه قد ذُكِر لنا أن الحجر يلقى من شفَة جهنم فيهوي فيها سبعين عاما لا يُدرَكُ لها قعر ، ووالله لتُملأَنّ !! أفعجبتم ؟ ولقد ذُكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرةُ أربعين سنة ، وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام , ولقد رأيتُني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى تقرَّحت أشداقنا ، فالتقطت بُردة فشققتها بيني وبين سعد بن مالك فاتَّزرتُ بنصفها واتزر سعد بنصفها .. فما أصبح اليوم منا أحد إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار ، وإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا , وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى يكون آخر عاقبتها مُلْكا فستخْبُرون وتجرِّبون الأمراء بعدنا . رواه مسلم و أحمد وغيرهما .

    * المعاني :  آذنتْ : بهمزة ممدودة وفتح الذال أى أعلمتْ . الصُّرم بالضم : الانقطاع والذهاب .  حذَّاءَ : بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة وألف ممدودة أي مسرعة الانقطاع . الصُّبابة : بضم الصاد البقية اليسيرة من الشراب تبقى فى أسفل الإناء .  يتصابُّها : يشربُها . قعْر الشيء : أسفله . والكظيظ : الممتلئ  .  :  قَرِحت أشداقنا  : أى صار فيها قروح وجراح من خشونة الورق الذى نأكله وحــرارته .  سعد بن مالك :  هو سعـد بن أبي وقاص رضى الله عنه .1

    * قال الذهبي : عتبة بن غزوان  بدريٌّ جليل ، أسلم بعد ستة رجال ، و كان من الرماة المذكورين . و قال ابن حجر : عتبة بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي بن جابر بن وهب المازني حليف بني عبد شمس أو بني نوفل من السابقين الأولين وهاجر إلى الحبشة  ،  ثم رجع مهاجرا إلى المدينة رفيقا للمقداد ،  وشهد بدرا وما بعدها وولاه عمر في الفتوح فاختط البصرة  وفتح فتوحا  وكان طويلا جميلا ،  روى له مسلم وأصحاب السنن ،  وفي مسلم من حديثه لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الشجر ،  قال ابن سعد وغيره : قدم على عمر يستعفيه من الإمرة فأبى  ، فرجع في الطريق بمعدن بني سليم سنة سبع عشرة وقيل سنة عشرين وقيل قبل ذلك ،  وعاش سبعا وخمسين سنة ودعا الله فمات  .1      

     * يستفاد من هذه الخطبة :

    1ـ الكلام على قِصَر الدنيا، ولا سيما في آخر الزمان ، وأنه لم يبق منها إلا القليل فقد كان يعيش مَن كان قبلنا مئات السنين ، وأقاموا حضارات عظيمة ، وعمروا الأرض أكثر منا ، و من آثارهم الأهرام و نحوها ، و قال سبحانه في عاد : (التي لم يخلق مثلها في البلاد) الفجر .1

     2ـ عِظَم النار ، وعِظَم الجنة ، وخطورة اللامبالاة ، وأهمية الاستعداد .

     3ـ إعطاء صورة عن وضع الصحابة مع نبيهم  ، و أنهم ابتلوا بالقلة في مبدأ الأمر ثم وسَّع الله عليهم  ، و هذه سنة الله في عباده ، قال تعالى : (و نبلوكم بالشر و الخير فتنة ) الأنبياء .1

     4ـ الاستعاذة من الكبر والغرور و العجب الذي كثيرا ما يصيب الناس .

     5 ـ انتقاض الحكم بعد العصر الأول النموذج ، من أجل ابتلاء الناس ، لأن الدنيا لا يمكن أن تكون جنة ، ولا تعود الخلافة الراشدة إلا في آخر الأمر أيام المهدي وعيسى ، ولا يأتي زمان إلا و الذي بعده شر منه ،  وقد توجد تنفيسات كما في عهد عمر بن عبد العزيز ، و مع ذلك فهذه خير أمة أخرجت للناس ، وهي أمة الطائفة الظاهرة  ، و هي الأمة التي لا تقهر .1

     * و الأمة تعاني من فساد حكامها دائما إلا ما شاء الله لكي يبتلي الله الناس فيظهر من يأمر بالمعروف و من ينهى عن المنكر ،  و نحن في اليمن  ابتلينا بفسادهم ، ولذلك نرى الجفاف وأنواع العقاب ودعوات الانفصال في الجنوب وفي شمال الشمال ، وما فتح الثغرات إلا فساد الحكام ، ولو أنهم كانت لهم بطانة صالحة للمشورة  وتنفيذيون صالحون وقضاة عادلون ينطبق عليهم في الجملة قوله تعالى : ( الذين عن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتو الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر) لأغلقوا هذه الثغرات . و قد أحرَج عمر بن عبد العزيز الفئات المعارضة كلها و منهم الخوارج عندما أصلح الأوضاع في خلال سنتين و بضعة أشهر .1 

    

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©