فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم ...

خطبة جمعة في جمعية الأمة في باشك شهير بإسطنبول في 10 رمضان 1439هـ  الموافق 24 مايو 2018م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/som.mp3

   عن أبي هريرة مرفوعا: «كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ يضاعَف، الحسنةُ بعشْر أمثالها إلى سبعمائة ضِعْف، إلى ما شاء الله، قال الله عز وجل: إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزي به، يدَع شهْوته وطعامه من أجلي، للصائم فرْحتان فرْحةٌ عند فِطْره، وفرْحةٌ عند لقاء ربه، ولخُلوف فمِه أطيب عند الله من ريح المِسْك» . قال في صحيح الجامع أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه .. ويؤخذ من الحديث :                         

   1- مضاعفة الأجور في الأعمال الصالحة، وانفراد الصوم بأن أجرهُ موكولٌ إلى الله، لأنه اقتداءٌ محدود بمن يستغني عن الطعام، والله لايطعَم قال تعالَى: (وهو يُطْعِمُ وهو لا يُطْعَم) الأنعام، والملائكة لا تَطْعَم، وهو سبحانه الكريم فعَطاؤُه لا يُقارَن بغيره، والله يقول: (إِنَّما يُوَفَّى الصابرونَ أجرَهم بغيرِ حِساب) الزمر. ورمضان شهر الصبر كما في حديث الباهلي الذي رواه أبو داود وابن ماجه: «صُمْ شهْرَ الصَّبْر رمضان ، صُم شهْر الصَّبْر وثلاثةَ أيامٍ مِن كلِّ شهْر... »، وفي صحيح الجامع أنه صحيح.

    2- يدخل في الصيام الامتناع عن الشهوات المباحة والمحرَّمة بالأَوْلَى، (يدَع شهْوته وطعامه من أجْلي) ، وذلك لِتربية النفس على الانضباط، ومن الشهوات والعادات المحرَّمة النظر في صُوَر النساء الأجنبيات والغزَل بالنساء الأجنبيات والغناء المُحَرَّم والموسيقى، لأن ذلك من الرفَث الممنوع، ومن الشهوات المحرَّمة والعادات السيِّئة التدخين، ووضْع بعض المواد المُنَبِّهة التي تسبِّب الإدمان في الفَم دون ابتلاع، والامتناع عن ذلك تقويةٌ لِلإرادة وضبْط النفس، والصوم عونٌ على الترْك وعلى تربيةِ المجتمع على الاستمرار على الأخلاق العالية في موسم الصوم وبعْدَه.

     ومن أمثلة الامتناع عن الشهوات المحرَّمة ومُجاراتها، الامتناع عن شهْوة الكبر والعُجْب والغرور والتعالي على الآخَرين وحبِّ الانتقام العُدْواني .. وذلك بالامتناع عن رغبة الانطلاق والسيطرة على الإخوان الآخرين والرَّدِّ عليهم وتبادُل الشتائم والعراك معهم خارج الصيام وأثناءَه بالأَولَى، وتربية المجتمع المسلم على التخَلُّص من كلِّ ذلك، وتحقيق التواضع والتذلُّل وخفْض الجناح للمؤمنين، وترْك الإعجاب بالرأي، وتربية الأفراد على ترميم الجسَد الإسلامي وتوحيد الصفِّ، بالخضوع وطاعة اجتهادات المسؤولين الشرعيين في المَنْشَط والمَكْرَه من أجل اجتماع الأمة تحت مظلة واحدة، ومنْع دخول الأعداء من الثغرات، ومن بقائِنا كالقصعة لِلأمم كما في الحديث وكما في الواقع بسبب صراعنا وتنازعنا وعدَم تطاوُعنا، قال عليه الصلاة والسلام في المتفق عليه: (فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُث ولا يَجْهَل فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتلَه فليَقُل إني صائم).

     3- للصائم فَرْحتان، واحدة مُعَجَّلة كلَّ يوم، والأخرى مؤجَّلة ليوم الجزاء، والفرْحة الشرعية مما يُشَجِّع عليه الإسلام فال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يونس.

      4- الخُلوف أطيَبُ عند الله من ريح المسْك، رغم أن الخلوف وهو تغَيُّر رائحة الفَم بسبب الصوم يتحاشاه الناس، فكيف بغيره عند الله من الطيِّبات الأصلية كالطاعات والدعاء والإخبات والقيام وغير ذلك؟ .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©