السراج المنير عليه الصلاة والسلام

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 14/3/1429هـ   21/3/2008م

 

*( ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) الأحزاب....  شاهدا على أمته ومع أمته على الأمم ( وجئنا بك على هؤلاءشهيدا) النساء. (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقرة.

جاء في تفسير ابن كثير: قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يدعى نوح يوم القيامة فيقال له : هل بلغت ؟ فيقول : نعم فيدعى قومه فيقال لهم : هل بلّغكم فيقولون : ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد ، فيقال لنوح : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته قال فذلك قوله : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ، قال : والوسَط العدْل ، فتُدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم ] رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق عن الأعمش. وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيُدعى قومه فيقال : هل بلّغكم هذا ؟ فيقولون : لا فيقال له : هل بلغت قومك ؟ فيقول : نعم فيقال : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته فيدعى محمد وأمته فيقال لهم : هل بلغ هذا قومه ؟ فيقولون : نعم فيقال : وما علمكم ؟ فيقولون : جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا ] فذلك قوله عز وجل { وكذلك جعلناكم أمة وسَطا } قال : عدْلا { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا }.

    وهو مبشر بكل خير في الدنيا والآخرة لمن التزم ماجاءبه . ومنذر على العكس .

    وداعيا إلى الله بإذنه أي بتيسيره كما يقول ابن عاشور في تفسيره . ولاشك أن الإذن مطلوب في التبليغ عن الله،  ولا يجوز أن يقول أحد عن الله مالم يأذن به .

    وسراجا منيرا : السراج له ضياء ذاتي ، وهو( منير) دائما لا يلحقه كسوف  . فالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أعظم من الشمس  التي قد تنكسف ( وجعل فيها سراجا) الفرقان .  وضياء النبي صلى الله عليه وسلم شامل يصِل مثل الشمس إلى المحبّ والشانئ .. ولا يستطيع الشانئ إلحاق الضرر بالمصدر ، بل السب والإساءة تلفت النظر ، وكثيرا ماتعود بالاستجابة وجميل الأثر .. وهذا ماهو حاصل رغم الإساءات المتكررة كما تدل الإحصاءات .

*وصفة الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة مثل ذلك ، قال ابن كثير: قال الإمام أحمد : أخبرنا موسى بن داود حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة فقال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحِرْزًا للأمِّيين وأنت عبدي ورسولي سمّيتك المتوكل لا فظٌّ ولا غليظٌ ولا صخابٌ في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الِملّة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح به أعْيُنًا عُمياً وآذانا صُمًّا وقلوبا غُلْفًا انفرد بإخراجه البخاري فرواه في (البيوع) عن محمد بن سنان عن فليح به وقال تابعه عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال : وقال سعيد بن هلال عن عطاء عن عبد الله بن سلام ورواه في (التفسير) عن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال عن عطاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص به فذكر نحوه ، فعبد الله هذا هو ابن صالح كما صرح به في كتاب (الأدب ) ، وزعم ابن مسعود الدمشقي أنه عبد الله بن رجاء . وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية من البقرة عن أحمد بن الحسن بن أيوب عن محمد بن أحمد بن البراء عن المعافى بن سليمان عن فليح به وزاد : قال عطاء : ثم لقيت كعب الأحبار فسألته فما اختلفا في حرف إلا أن كعبا قال بلغته : أعينا عُمومَى وآذانا صُمومَى وقلوبا غُلوفَا.

*ويتلقّى الآخرون عن النبي (السراج) بقدر استعدادهم .. كحال الكواكب مع الشمس . ولا يليق بالحريص أن يتصور نفسه سراجا فهذا غُرورٌ وتغريرٌ بالنفس ،  ولا أن يذهب إلى الظل أو الظلام أثناء العمل فهذه تَدْسِيةٌ ودفْن وعفَن ، ولا أن يُغلق على نفسه ، ويبحث عن الشمع فهذا تجاهل للشمس وتغافلٌ قاتل يعرِّض صاحبه للا حتراق والتسمّم بالغازات . ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويُخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )المائدة .   ( لقد منّ الله على المؤمنين إذْ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران .

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©