بادروا بالأعمال ستًّا: إمرة السفهاء وكثْرة الشُّرَط ... ونَشْوًا ...

خطبة جمعة في مسجد الإصلاح في 2/6/1429هـ 6/6/2008م

 

         من مسند أحمد:

     *حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال ثنا شريك بن عبد الله عن عثمان بن عمير عن زاذان أبي عمر عن عليم، قال كنا جلوسًا على سطح معنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد: لا أعلمه إلا عبْسا الغفاري والناس يخرجون في الطاعون فقال عبس : يا طاعون خذني ثلاثا يقولها، فقال له عليم :لم تقول هذا ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يتمنى أحدكم الموت فإنه عند انقطاع عمله ولا يرد فيستعتب) فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (بادروا بالموت ستًّا إمرة السفهاء وكثرة الشُّرَط وبيْع الحكْم واستخفافًا بالدم وقطيعة الرحم ونشْوًا يتخذون القرآن مزامير يقدمونه يغنّيهم وإن كان أقل منهم فقهًا).

     تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف.. شريك بن عبد الله - وهو النخعي - سيء الحفظ لا يقبل منه ما تفرد به وعثمان بن عمير ضعيف .

     *حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا وكيع قال ثنا النهاس بن قهم أبو الخطاب عن شدادٍ أبي عمار الشامي قال: قال عوف بن مالك: (يا طاعون خذني إليك قال فقالوا أليس قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ما عمّر المسلم كان خيرا له) قال بلى، ولكني أخاف ستًّا: إمارة السفهاء وبيع الحكم وكثرة الشرط وقطيعة الرحم ونشوا ينشؤن يتخذون القرآن مزامير وسفك الدم) .

     تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف النهاس بن قهم

     من مستدرَك الحاكم:

أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق المهرجاني ثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ثنا جميل بن عبيد الطائي ثنا أبو المعلى عن الحسن قال : قال : الحكَم بن عمرو الغِفَاري : (يا طاعون خذني إليك ،فقال له رجل من القوم : لم تقــول هذا ؟ و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍّ نزل به) قال: قد سمعت ما سمعتم و لكني أبادر ستًّا : بيع الحكم و كثرة الشرط و إمارة الصبيان و سفك الدماء و قطيعة الرحم و نشوا يكونون في آخر الزمان يتخذون القرآن مزامير ) .

     تعليق الذهبي : سكت عنه الذهبي في التلخيص .

     من صحيح الجامع الصغير:

     *(أخاف عليكم ستا : إمارة السفهاء و سفك الدم و بيع الحكم و قطيعة الرحــم و نشوا يتخذون القرآن مزامير و كثرة الشرط) .

     طب  عن عوف بن مالك.  

     قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) .

     *(بادروا بالأعمال ستا : إمارة السفهاء و كثرة الشرط و بيع الحكم و استخفافا بالدم و قطيعة الرحم و نشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم و إن كان أقلهم فقها) .    

.   طب  عن عابس الغفاري    

     قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) .

     شرح الحديث في (فيض القدير) للمُنَاوي:

     ( بادروا بالأعمال ستا ) من أشراط الساعة قالوا : ما هي يا رسول اللـه ؟ قال :      ( إمارة السفهاء ) بكسر الهمزة أي ولايتهم على الرقاب لما يحدث منهم من العنف والطيش والخفة جمع سفيه وهو ناقص العقل، والسَّفَه كما في المصباح وغيره نقص العقل  ( وكثرة الشرط ) بضم فسكون أو فتح أعوان الولاة، والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم، والواحد منهم شرْطي كترْكي أو شرَطي كجهَني ،سمي به لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها، والشرْط العلامة ( وبيع الحكم ) بأخذ الرشوة عليه فالمراد به هنا معناه اللغوي وهو مقابلة شيء بشيء ( واستخفافا بالدم ) أي بحقه بأن لا يقتص من القاتل ( وقطيعة الرحم ) أي القرابة بإيذائه أو عدم إحسان أو هجْر وإبعاد  ( ونَشْئًا يتخذون القرآن ) أي قراءته ( مزامير ) جمع مزمار وهو بكسر الميم آلة الزمر يتغنون به ويتمشدقون ويأتون به بنغمات مطربة، وقد كثر ذلك في هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهي بإخراج ألفاظ القرآن عن وضعها ( يقدمون ) يعني الناس الذين هم أهل ذلك الزمان ( أحدهم ليغنيهم ) بالقرآن بحيث يخرجون الحروف عن أوضاعها ويزيدون وينقصون لأجل موافاة الألحان وتوفر النغمات ( وإن كان ) أي المقدَّم ( أقلهم فقها ) إذ ليس غرضهم إلا الالتذاذ والإسماع بتلك الألحان والأوضاع .

 طب  من حديث عليم ( عن عابس ) بموحَّدة مكسورة ثم مهْمَلة ابن عبس ( الغِفَاري ) بكسر المعجمة وخفة الفاء نزيل الكوفة قال عليم : كنا جلوسا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليم : لا أعلمه إلا عابس أو عبس الغفاري والناس يخرجون في الطاعون فقال : يا طاعون خذني ثلاثا فقلت : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يتمنى أحدكم الموت فإنه عند انقطاع عمله ولا يرد فيستعتب) فقال : سمعته يقول : (بادروا إلخ )قال الهيثمي : فيه عثمان بن عمير وهو ضعيف .

     ما يستفاد من الحديث :

*الحديث صحيح لطرقه ، وقد رُوِي عن عدَد من الصحابة وأخرجه عدَد من الأئمّة .

*الحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، لأن ما فيه حاصلٌ بوضوح وكثْرةٍ أمامنا .

* كثُرتِ الشرَط هذه الأيام لما ذكره المناوي ، وكذلك بسبب ضعف الأمن وكثرة المخاوف ، و لا أمْن إلا مع قوّة الإيمان ( ولم يلْبِسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) الأنعام. (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة. ولم يحدث في التاريخ كثرةٌ لِلشُّرَط كما حدث في هذا الزمان من جحافل الأمْن والشرَط السرية والعلنية المتنوّعة التي تَنشأ لها المدارس والمعاهد والكليات والمعسكرات والوحدات ، وعند كافة الأجهزة والمؤسسات والشخصيات ... حتى صارت هنالك شركاتٌ كثيرة لإعداد الشرَط إضافة لما تجهّزه الدول والقُوَى والأحزاب . 

*ونحن نعاني ما نعانيه من الفتن والمخاوف والأزمات لا بد أن نبادر بتقوية الإيمان والأعمال الصالحة والنصح والنهي عن المنكرات...

* كثُرسفك الدم في زماننا كثرةً هائلة بسبب الجرأة ووفرة أنواع المتفجرات وتنوّع أجهزة التخفّي في استعمالها ولم تسلم المساجد ، وانعدام الوازع الديني عند كثيرين .

*أصيب بعض المتدينين ببعض الظواهر المذكورة في الحديث بسبب الجهل بالسُّنة ، فالحرص على تقديم الأئمة في المساجد لمجرّد حسن الصوت ، والتأثر العظيم بهم وانتشار شعبيّتهم أكثر من العلماء بكثير ملموس حتى في المؤسسات العلمية الشرعية . وكم من القرّاء من يكونون أبعد عن الالتزام ، وأحرص على المظاهر والمناصب والحطام ، ولا تكاد تصدّق من سوء منظره واختلال سمْته أنه يقرأ كتاب الله ويحفظه .

*دلّ الحديث في بعض ألفاظه على جواز الدعاء بالموت عند حصول شيء مماذُكِر من أجل التخلص مما لا يطاق من الفتن .. نسأل الله العافية . ولا ملجأ من الله إلا إليه . ولا بد من قوةالصلة به لاسيما في مثل هذه الظروف .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©