لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/tar.mp3
*
عن أنس قال:كانت ناقة لرسول الله صلى الله
عليه وسلم تسمى العضباء ، وكانت لا تُسْبَق
فجاء أعرابيٌّ على قَعود له فسبَقها فاشتد ذلك
على المسلمين ، وقالوا سُبِقت العضباء ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن حقّاً
على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا
وضَعه) رواه البخاري وأحمد والنسائي وأبو داود
وابن حبان وغيرهم .
قال في (الفتح) : التواضُع بضم الضاد
المعجمة مشتق من الضِّعة بكسر أوله وهي الهوان
، والتواضع هو العنوان الذي أورد البخاري تحته
هذا الحديث ، والمراد بالتواضع إظهار التنـزّل
عن المرتبة لمن يراد تعظيمه ... وزعم بعضهم
أنه لا مدخل للحديث في العنوان ، وغفَل عما
وقع في بعض طرق الحديث عند النسائي بلفظ :
(حقٌّ على الله ان لا يرفع شيءٌ نفسَه في
الدنيا إلا وضعه) فإن فيه إشارة إلى الحث على
عدم الترفع والحث على التواضع ، والإعلام بأن
أمور الدنيا ناقصة غير كاملة .
قال ابن بطال: فيه هوان الدنيا على الله
والتنبيه على ترك المباهاة والمفاخرة ..
وقال الطبري : في التواضع مصلحة الدين
والدنيا ، فإن الناس لو استعملوه في الدنيا
لزالت بينهم الشحناء ، ولاستراحوا من تعب
المباهاة والمفاخرة .
قلت : وفيه أيضا حسن خلُق النبي صلى الله
عليه وسلم وتواضعه لكونه رضي أن أعرابيا
يسابقه وفيه جواز المسابقة
. اهـ .
بتصرُّف .
وفي موضع آخر من (الفتح)
:
والعضباء بفتح المهملة وسكون المعجمة بعدها
موحَّدةٌ ومدٌّ هي المقطوعة الأذن أو المشقوقة
.
وقال ابن فارس :كان ذلك لقباً لها لقوله
تسمى العضباء، ولقوله يقال لها العضباء ، ولو
كانت تلك صفتها لم يحتج لذلك .
واختُلِف هل العضباء هي القصواء أو غيرها ،
فجزم الحربي بالأول وقال: تسمى العضباء
والقصواء والجدعاء ، وروى ذلك ابن سعد عن
الواقدي ، وقال غيره بالثاني
.
...
وفيه الحث على التواضع وفيه حسن خلُق النبي
صلى الله عليه وسلم وتواضعه وعظمته في صدور
أصحابه . اهـ .
* و العاقل لا يضع نفسه بالموضع الذي
يُكسَر فيه ، بل يتواضع حتى يَسلَم..
عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله أوحى
إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخرَ أحد على أحد
ولا يبغيَ أحد على أحد) رواه مسلم وأبو داود
وابن ماجه وغيرهم .
والتواضع وقايةٌ للمتواضِع من السقوط
المؤذِي ، بل التواضع رِفْعة ،
قال صلى الله عليه وسلم : (ما نقصتْ صدقةٌ من
مال و ما زاد الله عبدا
بعفوٍ إلا عزّاً و
ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله) رواه أحمد و
مسلم والترمذي عن أبي هريرة .
*وسنة
الله ماضيةٌ في خفْض المرتفع لاسيما إذا
غرَّهُ ذلك ، بدليل رواية النسائي (حقٌّ على
الله أن لا يرفع شيءٌ نفسَه في الدنيا إلا
وضعه) .. وما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع
.
وأحوال الزمان دوَّارة بسبب سنة الله ..
فكم من قويٍّ ضعُف .. قال تعالى : (ثم جعل من
بعد قوة ضعفاً وشيبة) الروم . وكم من عليمٍ
عادَ لا يعلم شيئا .. قال تعالى : (ومنكم من
يُرَدُّ إلى أرذل العُمُر لكيلا يعلم من بعد
علم شيئا) الحج . وكم من غني افتقر .. قال
تعالى: (يَبْسُطُ الرزقَ لمن يشاءُ ويَقْدِر ـ
أي يُضَيِّق ـ) الشورى . وقال أبو تمّام :
لاَ تُنْكِرِي
عَطَلَ الْكَرِيمِ مِنَ الْغِنَى
*** فَالسَّيْلُ
حَرْبٌ لِلْمَكَانِ الْعَالِي
*و مَن تكبَّر أو تجبَّر فيقصمه الله كما حدث
لفرعون وقارون وأبي جهل والعاص بن وائل وكسرى
والسوفيت وسائر الظلمة والمفسدين ، وأمريكا
الآن في الطريق إلى ذلك .
قال تعالى :
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ
مُخْتَالاً فَخُوراً) النساء .
وعن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة رضي
الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول الله عز وجل: (العز إزاره
والكبرياء رداؤه ، فمن ينازعني عذبته) رواه
مسلم ورواه البرقاني في مستخرجه من الطريق
الذي أخرجه مسلم ولفظه : (يقول الله عز وجل:
العز إزاري والكبرياء ردائي ، فمن نازعني شيئا
منهما عذبته) ، ورواه أبو داود وابن ماجه وابن
حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة وحده قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(قال الله تبارك وتعالى: الكبرياء ردائي
والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما قذفته
في النار) .
*من كبرياء الغرب أنهم يتدخلون في كل ما
يستطيعون أن يتدخلوا فيه من شؤوننا ، وأخَصِّ
خصوصياتنا . فقبل سنوات نظموا لصلاة الجمعة
المختلطة للرجال والنساء، فالخطيبة امرأة
والمؤذنة امرأة ، والمصلُّون خليطٌ في الصفوف
من النساء المتبرِّجات والرجال .. وبلغ بهم
التمادي إلى حدِّ زعْم محاكاة القرآن بكتاب
اختلقوه من الهُراء المُضْحك .
واليوم يتدخلون في تشريعاتنا ، ويريدون
لنا أن نخضع لاتفاقية السِّيْدَاوْ المارقة
التي تزعم ضرورة المساواة المطلقة بين الرجال
والنساء ، و تصل إباحيَّتُها إلى حدِّ تشجيع
ما يُسَمُّونه زواج الرجال بالرجال والنساء
بالنساء ، و يريدون ـ لإنفاذ ما في
السِّيْدَاوْ وإزالة ما يزعمونه التمييز ضد
المرأة ـ أن نقوم بتعديل سبعة وخمسين قانوناً
، بمعنى أن نُلْغي الهدى الذي في ديننا .
وقد بدأ المعجبون بهم من أبناء جلدتنا
يحاولون تقنين تحريم الزواج المبكر ، رغم أنه
لم يكن عندنا أي إشكال فيه على مدى أربعة عشر
قرنا ، ورغم أن الله جعل عدة الصغيرة التي لم
تحِض إذا تزوجتْ وطُلِّقتْ ثلاثة أشهر ،كما في
سورة الطلاق ، فدل ذلك على إباحة زواج الصغار
وأنه لا ضرر من ذلك ، والله الذي خلَق أعلم
بمصالح عباده ، ولا يمكن أن يبيح ما يضرُّهم .
وهذه مؤامرة الغرض منها نشر الفساد
بتحريم الزواج الحلال قبل سن الثامن عشرة من
أجل دفع الناس إلى الزنا الحرام كما في الغرب
. (ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء)
النساء .
*والإسلام حريص على مخالفة الكافرين حتى
فيما فيه حق كصيام يوم عاشوراء الذي أضاف عليه
النبي صلى الله عليه وسلم من أجل المخالفة
صيام تاسوعاء ، ونحن في كل ركعة نتبرأ منهم ،
فكيف إذن نتجاوب مع مؤامراتهم ؟!
إن الغرب المتكبِّر يترنَّح اليوم في
أفغانستان والعراق ، وسوف يسقط بإذن الله كما
سقط أخٌ له من قبل هو الاتحاد السوفيتي ، وسوف
يندم المسارعون في ديارنا لإرضائهم ، عندما
يستيقنون أنهم لم يكونوا على شيء .
|