إنما تَنْتَفِشُ الرَّغْوةُ والغُثَاء

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 8 ربيع ثاني1430هـ الموافق 3 إبريل2009م

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/tntfsh.mp3

      * المؤمن وقور خاشع مخبت ، دَيْدَنُه السكينة والحِلْم والأناة ، و لا سيما إذا كان من أولي العلم  لا يغتر ولا ينتفش ، ولا يخوض ويلعب ولا يعجب بنفسه ،  ( و بشر المخبتين ، الذين إذا ذُكِـــر الله وجِلتْ قلوبهم و الصابرين على مـا أصابهم و المقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) الحج . (إنما يخشى الله من عباده العلماء) فاطر .  بل إنه كثير اللوم لنفسه (ولا أقسم بالنفس اللوامة) القيامة . (و الذين يؤتــون ماآتوا و قلوبهم وجلة) المؤمنون .

     *كان النبي صلى الله عليه و سلم و هو سيد البشر وإمام الأنبياء متأنيا ملتزمًا بتأديب الله(وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً) طه . متواضعًا خافض الجناح اتباعًا لأمر الله ( واخفض جناحك للمؤمنين)الحجر . عن أبي مسعود : أن رجلا كلَّم النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح فأخذته الرِّعدة فقال النبي صلى الله عليه و سلم هوِّن عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ) رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ،ووافقه الذهبي . وذكر الألباني أنه صحيح .1

     وفي لفظ آخر عند الحاكم وقال فيه مع الذهبي ما قال في اللفظ الأول ، عن جرير بن عبدالله  قال : أُتِيَ النبي صلى الله عليه و سلم برجل ترعَد فرائصُه قال فقال له : هوِّن عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء، قال ثم تلا جرير بن عبد الله البجلي : (وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) ق.  ( الفرائص ) واحدتها فريصة . لَحْمةٌ بين الجنب والكتف لا تزال ترعَد من الدابة . ( القديد ) هو اللحم المُمَلَّح المجفف في الشمس .1

     *وأمره الله بقوله : (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحَى إليَّ) الكهف . و كان (يأكل الطعام و يمشي في الأسواق) الفرقان .1

     * وعندما يُسأل السؤال و هو لا يعلم ينتظر ولايجيب حتى يعلَم  .. عن عبد الله قال بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خَرِب المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر من اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلُوهُ عن الروح ؟ وقال بعضهم : لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه ، فقال بعضهم: لنسألنَّه ، فقام رجل منهم فقال : يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، وفي بعض الروايات : فقام ساعة ينتظر ، فقلت : إنه يوحَى إليه فقمت ، فلما انجلَى عنه ، فقــال: ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتوا من العلم إلا قليلا ) . قال الأعمش: هكذا في قراءتنا. رواه البخاري و مسلم  و غيرهما .1

     * وعندما يُطْلب منه الطلَب لا يتجاوز حدّه .( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجُر لنا من الأرض ينبوعا، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجِّر الأنهار خلالها تفجيرا ....) فأمره الله أن يقول: (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) الإسراء .

     *وعندما جاوز السبع الطباق حافظ على الثبات والأدب والوقار(ما زاغ البصر و ما طغى) النجم.1

     * وهكذا ربَّى الصحابة ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارأون فقال: ( إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، وإنما نزل كتاب الله يصدِّق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوا  ، وما جهلتم فكِلُوه إلى عالِمِه) رواه أحمد و ابن ماجه . و قال الألباني و شعيب الأرنؤوط : إنه إسناد حسن.1

      قال ابن أبي شيبة في مصنفه : حدثنا علي بن مسهر عن الحسن بن عمرو عن الشعبي قال : أدركت أصحاب عبد الله وأصحاب علي وليس هم لشيء من العلم أكره منهم لتفسير القرآن . قال وكان أبو بكر يقول : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم .1

     وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( فأنبتنا فيها حبا ، وعنبا وقضْبا ، وزيتونا ونخْلا ، وحدائق غُلْبا ، وفاكهة وأبا ) قال: فكل هذا قد عرفناه ، فما الأبُّ ؟ ثم رفَض عصا كانت في يده، فقال: هذا لعَمْر الله التكلف اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب . رواه عبد الرزاق و الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ووافقه الذهبي .1

     * و قالت عائشة عن حديث الإفك : ولَشَأني كان أحقرَ في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل فيَّ بأمرٍ يُتلَى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرِّئني الله بها . متفق عليه . فلمّا تواضعت لِله رفعها الله فذكَرها في القرآن الخالد بحيث من لَمَزها ـ كما يفعل الرافضة ـ فإنه يكفُر .1

     *و لقد كثرت الغثائية في هذا الزمان ، وكثرت مع ذلك الدعاوى والمزاعم والفخر والغرور و لكن العالم وطالب العلم يحفظ نفسه من كل ذلك ومن الخِفَّة والاندفاع والطيش . (أنتم يومئذ كثير ؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل). رواه أحمد وأبو داود والبيهقي . وذكر الألباني أنه صحيح . إن الله لايحب من كان مختالا فخورا) النساء .ا

ياطالبَ العلم لا تغترَّ بالغَـبَشِ          أقْصِرْ عن الكِبْرِ والإعجابِ و الدَّهَشِ

والْزَمْ - هُدِيتَ - جَناحَ الذُّلِّ مُحْتَسِبًا         في بِيئَةِ الدِّينِ لا تَفْخَرْ وتَنْتَفِشِ

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©