لسماع
الخطبة
عبر برنامج " الريل بلاير "
اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/zilzal.mp3
لسماع
الخطبة
بصيغة
" إم بي ثري "
اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/mp3/zilzal.mp3
لا بدَّ من أخْذ العبْرة من زلزال أمس في
إسطنبول فقد بلغ 5.8 درجة على مقياس ريختر ،
وقال الرئيس أردوغان إن الارتدادات الخفيفة
بلغتْ ٢٨ ، وما جاء المساء حتى بلغ تسجيلات
الزلازل الخفيفة نحو ٤٠ زلزالًا ، ومن علامات
الساعة كثْرة الزلازل كما في الحديث المتفق
عليه، والسبب كثْرة المعاصي ، والحمد لله على
السلامة ، والزلزال من الآيات ، والله يقول :
(وما نُرْسِل بالآياتِ إلَّا تخويفًا) الإسراء
، ولا بدَّ من التوبة والاستغفار ، ليرفع الله
عنا العقاب ، قال تعالى : (وما كانَ اللهُ
مُعذِّبَهم وهم يستغفرون) الأنفال ، وإن مما
تجب التوبة منه والاستغفار والإقلاع عنه ترويج
المصطلحات المستوردة .
ولا بد من تحديد الذنوب لأن الله يقول : (ولم يُصِرُّوا
على ما فعَلوا وهم يعلمون) آل عمران . فلا
يتجنَّب الإصرار إلا من بحث عن الذنب وعرَفَه
وحدَّده ، وقد عوقبتْ كثير من بلاد المسلمين
بالاستعمار العسكري من الكافرين ، وطالتْ
ذيوله إلى مجالات الحياة ، ومنها الاستعمار
العَقَدي والثقافي ، الذي منه هذه المصطلحات .
وقد أمرنا الله باجتناب ضلالات الكافرين ، ومنَع
التشَبُّه بهم ، قال تعالى : (اتقُوا الله
وقولوا قولًا سديدًا، يُصلِح لكم أعمالَكم
ويغفرْ لكم ذنوبَكم) الأحزاب . وقال تعالى :
(لا تقولوا راعِنا وقولوا انظُرْنَا) البقرة .
وعبارة لا مشاحَّة في الاصطلاح إنما المقصود
منها المصطلحات التي بين الفقهاء والعلماء
المسلمين ، فكل مصطلحاتهم نابعة من المنهج
الشرعي .
أما المصطلحات الواردة من الكفار فلا ، والأدلة كثيرة على
اجتنابها ومنها ما سبق ، وكان الرسول صلى الله
عليه وسلم يحرص على مخالفة الكافرين في
عاداتهم وتقاليدهم وعباداتهم ومصطلحاتهم ،
والنصوص كثيرة في ذلك ، لأن ترويج ذلك معناه
اتِّباعها ، وعند الوقوع في مآزقها لا توجد
الحلول إلَّا في مراجع أصحابها ، لأنها جزءٌ
من منهجيتهم ، ولا يوجد لها مرجعية في الكتاب
والسنة ولا في التفاسير ولا في الشروح ،
فيزداد الناس إغراقًا في التبعيَّة ، ويكفي أن
الفاتحة المقروءة في كل ركعة تحوي الدعاء
باجتناب صراط المغضوب عليهم وهم اليهود ،
والضالين وهم النصارى ، ومعلوم أن بذور الحنظل
لا تُنْبِتُ تفاحًا ، ولا يأتي من الصَّبِر
المُرِّ عسَل .
ومن المصطلحات الواردة علينا من الغرب : الليبرالية
والمساواة ، وربما نواصل الكلام علَى مستوردات
أخرى في الخُطَب القادمة لخطورتها .
إن الليبرالية وقد يترجمونها إلى الحرية ، وهي استقلال
الفرْد برأيه عن غيره . وهو مصطلحٌ فيه تجاهلٌ
لأعظم حقيقة في الوجود وهي عبودية الإنسان
والمخلوقات لِله والخضوع لدينه وشريعته ، فهو
سبحانه الذي خلَق وأحيَا ورزقَ وأبقَى ، ثم
يُميتُ ويبعثُ ويحاسبُ ويُجازي بالجنة أو
النار ، وهذه العبودية ، حقيقتها توحيد الله
بحيث يتحرَّر الإنسان والمخلوق من كل ما سِوَى
الله .
ولذلك وصف الله أشرف عباده وهم الأنبياء والملائكة
بالعبودية فقال تعالى في الأنبياء مثَلًا
ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم : (فأوحَى إلى
عبدِهِ ما أوحى) النجم . وقال سبحانه :
(سبحانَ الذي أسْرَى بعبْده ليلًا من المسجدِ
الحرامِ إلى المسجدِ الأقصا الذي باركنا
حولَه) الإسراء . وقال تعالى في مجموعة من
الأنبياء : (واذكُرْ عبادَنا إبراهيمَ وإسحاق
ويعقوب أولي الأيدي والأبصار) ص .
وقال تعالى عن الملائكة : (وقالوا اتَّخَذَ الرحمنُ
ولَدًا سبحانَه، بلْ عبادٌ مُكْرَمُونَ ، لا
يسْبِقُونَهُ بالقولِ وهم بأمرِهِ يعملون)
الأنبياء . وقال سبحانه : (إنْ كُلُّ مَن في
السماواتِ والأرضِ إلَّا آتِي الرحمنِ عبدًا)
مريم .
وأنكر الخضوع والعبادة لغير الله ، وأمر نبيه صلى الله
عليه وسلم بالقول : (قُل أفغيرَ اللهِ
تأمرونِّي أعبُدُ أيُّها الجاهلون) الزمَر .
وأنكر حتى عبودية الإنسان لِهَوَاه ، قال
تعالى : (أفرأيتَ مَنِ اتَّخَذَ إلههُ هواهُ
وأَضلَّهُ اللهُ على عِلْم) الجاثية . وقارَن
بين العابد لإلهٍ واحد وهو المسلم ، والعابد
للجهاتٍ والآلهةٍ المُتعدِّدة فقال سبحانه :
(ضربَ اللهُ مثلًا رجُلًا فيه شركاءُ
مُتشاكِسُون ورجلًا سلَمًا لِرجُل هل
يسْتَويان مثَلًا) الزُّمَر ، فالتَّحرُّر من
كل ما سِوَى الله إنما هو للمسلم ، قال تعالى
: (إني وجَّهتُ وجهيَ لِلذي فطَرِ السماواتِ
والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين) الأنعام .
ولا بد من الخضوع لشرعه قال تعالى : (ثم
جعلناكَ على شريعةٍ من الأمرِ فاتَّبِعْها،
ولا تَتَّبعْ أهواءَ الذين لا يعلمون) الجاثية
. وقال تعالى : (قل إن صلاتي ونُسُكي
ومَحْيَايَ ومماتِي لِلْهِ ربِّ العالمين ، لا
شريكَ له وبذلك أُمِرتُ وأنا أَوَّل المسلمين)
الأنعام .
والعبودية لله معناها التحرُّر من كل العبودية
لِما سواهُ من المخلوقات ، والخضوع لشريعته
وحده ، وطاعة نبيِّه ، ومَن أمَر بطاعتِهم .
وكذلك الحال في مصطلح المساواة التي يعنون بها التماثُل
بين غير المتماثلَين ، فالمساواة تجاهلٌ
للتفريق بين الحق والباطل والإسلام والكفر ،
والعدْل والقِسْط الذي قامت عليه السماوات
والأرض ، فالكواكب والنجوم والمدارات مثَلًا
ليست متساوية ، قال تعالى : (والسماءَ رفَعَها
ووَضَع الميزان) الرحمن . وصفات وأعداد البحار
والجبال والنباتات ليستْ متساوية ، قال تعالى
: (والأرضَ مدَدْناها وألقينا فيها رواسيَ
وأنْبَتْنا فيها مِن كُلِّ شيءٍ مَوزُون)
الحِجْر . وكذلك لا استواء بين الرجال والنساء
، فلكل جنس وظائفه ، قال تعالى : (الرجال
قوّامونَ على النساءِ بِما فضَّلَ اللهُ
بعضَهم على بعضٍ وبِما أنفَقُوا مِن أموالِهم)
النساء . وقال تعالى : (... ولِلرِّجالِ
عليهِنَّ درجة) البقرة . ولا استواء بين
المسلمين والكافرين ، قال تعالى : (أفنجعلُ
المسلمين كالمُجرمين؟ ما لكم كيف تحكمُون)
القلَم . ولا بين الصالحين والطالحين ، قال
تعالى : (أم نجعلُ الذين آمنوا وعملوا
الصالحاتِ كالمُفسدينَ في الأرضِ أم نجعلُ
المُتقينَ كالفُجَّار) ص . ولا بين العلماء
والجُهال ، قال تعالى : (قل هل يستوي الذين
يَعلَمونَ والذين لا يعلمون) الزمَر، وكذلك
آيات المواريث فيها التوزيع العادل بين الورثة
، ولا مساواة إلا بين المتماثلين كالأبناء
فيما بينهم ، وكالبنات ، وكالزوجات .
والكافرون في باب الحرية لا عبودية عندهم لله ، ولا
التزام بمنهجه وحلاله وحرامه ، ويقصدون
بالحرية التحرُّر من الإله ومن الدين ،
ويحتكمون إلى قوانينهم ومواثيقهم التي شرعوها
من دون الله .
وفي باب المساواة لا اعتراف عندهم بالتمايُز والتنوُّع
الوظيفي بين الرجال والنساء ، ولا يُفَرِّقون
بين الحق والباطل ، فلا يعترفون بالدين ولا
علمائه ، ولا بالأحكام الشرعية ومنها المواريث
، فيُسوُّون بين الرجال والنساء ، وبين
الكافرين والمسلمين ، وبين الحق والباطل ،
والعلماء والجهال ، في الانتخابات وفي
المواطنة ، ويُسَوُّون بين القوانين الوضعية
والأحكام الشرعية في أقرب الأحوال .
والهزَّاتُ التي حدثتْ أمس تخويفٌ وتذكير ، فلا بدَّ من
الإقلاع عن تقليد الكافرين والاستيراد منهم
ولا بدَّ من البراء منهم في كل ما غزونا به من
الضلالات ومنها المصطلحات .
وختامًا يقول سبحانه : (صِبْغَةَ اللهِ ومَن أحسَنُ من
اللهِ صِبْغَةً ونحنُ لهُ عابِدُون) البقرة .
|